"حرمت عليكم الميتة"، مغنيًا من تكرير ما كرر بقوله:"وما أهل لغير الله به والمنخنقة"، وسائر ما ذكر مع ذلك، وتَعْدادِه ما عدَّد؟
قيل: وجه تكراره ذلك = وإن كان تحريم ذلك إذا مات من الأسباب التي هو بها موصوف، وقد تقدم بقوله:"حرمت عليكم الميتة" = أن الذين خوطبوا بهذه الآية كانوا لا يعدُّون"الميتة" من الحيوان، إلا ما مات من علة عارضة به غير الانخناق والتردِّي والانتطاح وفرس السبع. فأعلمهم الله أن حكم ذلك، حكم ما مات من العلل العارضة = وأن العلة الموجبة تحريم الميتة، ليست موتها من علة مرض أو أذى كان بها قبل هلاكها، ولكن العلة في ذلك أنها لم يذبحها من أجل ذبيحته بالمعنى الذي أحلها به (١) كالذي:-
١١٠٤٧- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي في قوله:"والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم"، يقول: هذا حرام، لأن ناسًا من العرب كانوا يأكلونه ولا يعدّونه ميتًا، إنما يعدون الميت الذي يموت من الوجع. فحرمه الله عليهم، إلا ما ذكروا اسم الله عليه، وأدركوا ذكاته وفيه الروح. (٢)
* * *
القول في تأويل قوله :﴿ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ﴾
قال أبو جعفر: يعني بقوله جل ثناؤه:"وما ذبح على النصب"، وحرم عليكم أيضًا الذي ذبح على النُّصُب.
فـ"ما" في قوله:"وما ذبح"، رفْعٌ، عطفًا على"ما" التي في قوله:"وما أكل السبع".

(١) في المطبوعة: "من أحل ذبيحته"، والصواب ما في المخطوطة، وهي فيها منقوطة. ويعني: من أجل أن تكون ذبيحة له ياكلها.
(٢) الأثر: ١١٠٤٧- هو تمام الأثر السالف رقم: ١١٠٢٤.


الصفحة التالية
Icon