وقال آخرون: بل نزلت هذه الآية = أعني قوله:"اليوم أكملت لكم دينكم" = يوم الاثنين. وقالوا: أنزلت"سورة المائدة" بالمدينة.
*ذكر من قال ذلك:
١١١٠٩- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، أخبرنا محمد بن حرب قال، حدثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش، عن ابن عباس: ولد نبيكم ﷺ يوم الاثنين، وخرج من مكة يوم الاثنين، ودخل المدينة يوم الاثنين، وأنزلت:"سورة المائدة" يوم الاثنين:"اليوم أكملت لكم دينكم"، ورفع الذكر يوم الاثنين. (١)

(١) الأثر: ١١١٠٩-"محمد بن حرب الخولاني" الأبرش. قال أحمد: "ليس به بأس"، وقال ابن معين: "ثقة". مترجم في التهذيب.
و"ابن لهيعة" هو"عبد الله بن لهيعة"، مضى برقم: ١٦٠، ٢٩٤١، ٥٣٥٥، ٥٥١٨، ومضى توثيق أخي السيد أحمد له.
و"خالد بن أبي عمران التجيبي"، قاضي إفريقية. ثقة، وثقه ابن سعد والعجلي، وغيرهما.
و"حنش" هو: "حنش بن عبد الله السبائي الصنعاني" مضى برقم: ١٩١٤، وهو تابعي ثقة.
وهذا الخبر استوهاه الطبري كما سيأتي في آخر كلامه، وذلك لما قالوا من ضعف ابن لهيعة، وترك بعضهم الاحتجاج به.
وروى هذا الخبر أحمد في مسنده برقم: ٢٥٠٦ من طريق موسى بن داود، عن ابن لهيعة، ونصه: "ولد النبي ﷺ يوم الاثنين، واستنئ يوم الاثنين، وتوفي يوم الاثنين، وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين".
وقال أخي السيد أحمد في التعليق عليه: "إسناده صحيح. والحديث ذكره ابن كثير في التاريخ ٢: ٢٥٩، ٢٦٠، عن هذا الموضع، وقال: "تفرد به أحمد"، وهو في مجمع الزوائد ١: ١٩٦، ونسبه لأحمد والطبراني في الكبير وقال الهيثمي: "وفيه ابن لهيعة، وهو ضعيف! وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح".
وليس في خبر أحمد"وأنزلت سورة المائدة.."، ولذلك لما ذكره ابن كثير في تفسيره، ٢: ٦٨، عن هذا الموضع من تفسير الطبري ونسبه للطبراني وابن مردويه، ثم قال: "أثر غريب، وإسناده ضعيف، وقد رواه الإمام أحمد.." ثم ساق حديث أحمد، ثم قال: "هذا لفظ أحمد، ولم يذكر نزول المائدة يوم الاثنين، فالله أعلم. ولعل ابن عباس أراد أنها نزلت"يوم عيدين اثنين، كما تقدم (يعني في الأثر رقم: ١١٠٩٨)، فاشتبه على الراوي".
وهذا توجيه غير مرتضى، وربما كان الأرجح أنه غلط من أحد الرواة عن ابن لهيعة، فإن رواية أحمد، لا شك في قوتها وضبطها.
وقوله: "رفع الذكر يوم الاثنين"، يعني وفاة رسول الله ﷺ، بأبي هو وأمي، وانقطاع الوحي من بعد قبضه ولحاقه بالرفيق الأعلى.


الصفحة التالية
Icon