فقرأ ذلك عامة قرأة المكيين والمدنيين والكوفيين:( السَّلَمَ ) بغير ألف، بمعنى الاستسلام.
* * *
وقرأ بعض الكوفيين والبصريين:( السَّلامَ ) بألف، بمعنى التحية.
* * *
قال أبو جعفر: والصواب من القراءة في ذلك عندنا:( لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَمَ )، بمعنى: من استسلم لكم، مذعنًا لله بالتوحيد، مقرًّا لكم بملَّتكم.
وإنما اخترنا ذلك، لاختلاف الرواية في ذلك: فمن راوٍ رَوى أنه استسلم بأن شهد شهادة الحق وقال:"إنّي مسلم" = ومن راوٍ رَوى أنه قال:"السلام عليكم"، فحياهم تحية الإسلام= ومن راوٍ رَوى أنه كان مسلمًا بإسلامٍ قد تقدم منه قبل قتلهم إياه= وكل هذه المعاني يجمعه"السَّلَم"، لأن المسلم مستسلم، والمحيي بتحية الإسلام مستسلم، والمتشهد شهادة الحق مستسلم لأهل الإسلام، فمعنى"السَّلم" جامع جميع المعاني التي رُويت في أمر المقتول الذي نزلت في شأنه هذه الآية وليس ذلك في"السلام"، (١) لأن"السلام" لا وجه له في هذا الموضع إلا التحية. فلذلك وصفنا"السلم"، بالصواب.
* * *
قال أبو جعفر: واختلف أهل التأويل في تأويل قوله:"كذلك كنتم من قبل".
فقال بعضهم: معناه: كما كان هذا الذي قتلتموه بعد ما ألقى إليكم السَّلَم، مستخفيًا في قومه بدينه خوفًا على نفسه منهم، كنتم أنتم مستخفين بأديانكم من قومكم حذرًا على أنفسكم منهم، فمنَّ الله عليكم.
*ذكر من قال ذلك:
١٠٢٢٨- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا ابن

(١) في المطبوعة: "وليس كذلك في الإسلام"، والصواب الجيد من المخطوطة.


الصفحة التالية
Icon