"""" صفحة رقم ٣٤٦٥ """"
ناقة مقلدة، فانهبها بين اصحابه، فلما بلغ ذلك عبد المطلب جاءه، وكان جميلاً وكان له صديق من اهل اليمن يقال له ذو عمرو، فساله ان يرد عليه ابله فقال : اني لا اطيق ذلك، ولكن ان شئت ادخلتك على الملك، فقال عبد المطلب افعل فادخله عليه، فقال له : ان لي اليك حاجة، قال قضيت كل حاجة تطلبها، قال انا في بلد حرم، وفي سبيل بين ارض العرب وارض العجم، وكانت مائة ناقة لي مقلدة ترعى بهذا الوادي بين مكة وتهامة عليها عبر اهلها. وتخرج إلى تجارتها وتتحمل من عدونا، عدا عليها جيشك فاخذوها، وليس مثلك يظلم من جاوره فالتفت إلى ذي عمرو، ثم ضرب باحدى يديه على الاخرى عجبا، فقال : لو سالني كل شيء اجوزه اعطيته اياه اما ابله فقد رددنا اليك ومثلها معها، فما يمنعك ان تكلمني في بنيتكم هذه، وبلدكم هذه، فقال له عبد المطلب اما بنيتنا هذه وبلدنا هذه، فان لهما ربا ان شاء ان يمنعهما، ولكني انما اكلمك في مالي، فامر عند ذلك بالرحيل وقال : لتهد من الكعبة ولتنهين مكة فانصرف عبد المطلب وهو يقول :
لا هم ان المرء يمنع رحله فامنع حلالكلا يغلبن صليبهم ومحالهم عدواً محالك
فاذا فعلت فربما تحمى فامر ما بدالكفاذا فعلت فانه امر تتم به فعالك
وغدوا غدا يجمعوعهم والفيل كي يسبوا عيالكفاذا تركتهم وكعبتا فوا حربا هنالك
فلما توجه شهر واصحاب الفيل، وقد اجمعوا ما اجمعوا، طفق كلما وجهوه اناخ وبرك، فاذا صرفوه عنها من حيث اتي اسرع السير، فلم يزل كذلك حتى غشيهم الليل وخرجت عليهم طير من البحر لها خراطيم، كانها البلس شبيهة بالوطواط حمر وسود، فلما راوها اشفقوا منها وسقط في ايديهم، فرمتهم بحجارة مدحرجة كالبنادق، تقع على جبالهم فلم يروا - حدا غشيهم، فبعث ابنه على فرس سريع ينظر مالقوا فاذا هم مشدخين جميعاً، فرجع يرفع راسه كاشفاً فخذه، فلما راى ذلك ابوه قال : ان ابني افرس العرب وما كشف عن فخذه الا بشيراً أو نذيراً، فلما دنا من ناديهم قالوا : ما وراءك ؟ قال : هلكوا جميعا، فخر عبد المطلب واصحابه فاخذوا اموالهم.
وقال عبد المطلب شعراً في المعنى :