إنكاره قالوا والدليل عليه أن المراد من وضع الاسم الإشارة بذكره إلى المسمى فلو كان لله بحسب ذاته اسم لكان المراد من وضع ذلك الاسم ذكره مع غيره لتعريف ذلك المسمى فإذا ثبت أن أحدا من الخلق لا يعرف ذاته المخصوصة البتة لم يبق في وضع الاسم لتلك الحقيقة فائدة فثبت أن هذا النوع من الاسم مفقود فعند هذا قالوا إنه ليس لتلك الحقيقة اسم بل له لوازم معرفة وتلك اللوازم هي أنه الأزلي الذي لا يزول وأنه الواجب الذي لا يقبل العدم وأما الذين قالوا إنه لا يمتنع في قدرة الله تعالى أن يشرف بعض المقربين من عباده بأن يجعله عارفا بتلك الحقيقة المخصوصة قالوا إذا كان الأمر كذلك فحينئذ لا يمتنع وضع الاسم لتلك الحقيقة المخصوصة فثبت أن هذه المسألة مبنية على تلك المقدمات السابقة
المسألة الحادية عشرة
بتقدير أن يكون وضع الاسم لتلك الحقيقة المخصوصة ممكنا وجب القطع بأن ذلك الاسم أعظم الأسماء وذلك الذكر أشرف الأذكار لأن شرف العلم بشرف المعلوم وشرف الذكر بشرف المذكور فلما كان ذات الله تعالى أشرف المعلومات والمذكورات كان العلم به أشرف العلوم وكان ذكر الله أشرف الأذكار وكان ذلك الاسم أشرف الأسماء وهو المراد من الكلام المشهور الواقع في الألسنة وهو اسم الله الأعظم ولو اتفق لملك مقرب أو نبي مرسل الوقوف على ذلك الاسم حال ما يكون قد تجلى له معناه لم يبعد أن يطيعه جميع عوالم الجسمانيات والروحانيات
المسألة الثانية عشرة
القائلون بأن الاسم الأعظم موجود اختلفوا فيه على وجوه الأول قول من يقول إن ذلك الاسم الأعظم هو قولنا ذو الجلال ولإكرام الرحمن ٢٧ وورد فيه قوله عليه الصلاة والسلام
ألظوا بياذا الجلال والإكرام وهذا عندي ضعيف لأن الجلال إشارة إلى الصفات السلبية والإكرام إشارة إلى الصفات الإضافية وقد عرفت أن حقيقته المخصوصة مغايرة للسلوب والإضافات والقول الثاني قول من يقول أنه هو الحي القيوم لقوله عليه الصلاة والسلام لأبي بن كعب ما اعظم آية في كتاب الله تعالى فقال الله لا إله إلا هو الحي القيوم البقرة ٢٥٥ فقال
ليهنك العلم أبا المنذر وعندي أنه ضعيف وذلك لأن الحي هو الدراك الفعال وهذا ليس فيه كثرة عظمة لأنه صفة وأما القيوم فهو مبالغة في القيام ومعناه كونه قائما بنفسه مقوما لغيره فكونه قائما بنفسه مفهوم سلبي وهو استغناؤه عن غيره وكونه مقوما لغيره صفة إضافية فالقيوم لفظ دال على مجموع سلب وإضافة فلا يكون ذلك عبارة عن الاسم الأعظم القول الثالث قول من يقول أسماء الله كلها عظيمة مقدسة ولا يجوز وصف الواحد منها بأنه أعظم لأن ذلك يقتضي وصف ما عداه بالنقصان وعندي أن هذا أيضا ضعيف لأنا بينا أن الأسماء منقسمة إلى الأقسام التسعة وبينا أن الاسم الدال على الذات المخصوصة يجب أن يكون أشرف الأسماء وأعظمها وإذا ثبت هذا بالدلائل فلا سبيل فيه إلى الإنكار القول الرابع أن الاسم الأعظم هو قولنا الله وهذا هو الأقرب عندي لأنا سنقيم الدلالة على أن هذا الاسم يجري مجرى اسم العلم في حقه سبحانه وإذا كان كذلك كان دالا على ذاته المخصوصة


الصفحة التالية
Icon