وكان آخر لكل ما سواه امتنع أن يكون له أول وآخر فهذا اللفظ يدل على كونه تعالى أزليا لا أول له ولا آخر له المقدمة الثالثة لو كان صانع العالم محدثا لافتقر إلى صانع آخر ولزم التسلسل وهو محال فهو قديم وإذا ثبت أنه قديم وجب أن يمتنع زواله لأن ما ثبت قدمه امتنع عدمه إذا ثبتت هذه المقدمات فلنشرع في تفسير الأسماء الاسم الأول القديم واعلم أن هذا اللفظ يفيد في أصل اللغة طول المدة ولا يفيد نفي الأولية يقال دار قديم إذا طالت مدته قال الله تعالى حتى عاد كالعرجون القديم يس ٣٩ وقال إنك لفي ضلالك القديم يوسف ٩٥ الاسم الثاني الأزلي وهذا اللفظ يفيد الانتساب إلى الأزل فهذا يوهم أن الأزل شيء حصل ذات الله فيه وهذا باطل إذ لو كان الأمر كذلك لكانت ذات الله مفتقرة إلى ذلك الشيء ومحتاجة إليه وهو محال بل المراد وجود لا أول له البتة الاسم الثالث قولنا لا أول له وهذا اللفظ صريح في المقصود واختلفوا في أن قولنا لا أول له صفة ثبوتية أو عدمية قال بعضهم إن قولنا لا أول له إشارة إلى نفي العدم السابق ونفي النفي إثبات فقولنا لا أول له وإن كان بحسب اللفظ عدما إلا أنه في الحقيقة ثبوت وقال آخرون إنه مفهوم عدمي لأنه نفي لكون الشيء مسبوقا بالعدم وفرق بين العدم وبين كونه مسبوقا بالعدم فكونه مسبوقا بالعدم كيفية ثبوتية فقولنا لا أول له سلب لتلك الكيفية الثبوتية فكان قولنا لا أول مفهوما عدميا وأجاب الأولون عنه بأن كونه مسبوقا بالعدم لو كان كيفية وجودية زائدة على ذاته لكانت تلك الكيفية الزائدة حادثة فكانت مسبوقة بالعدم فكان كونها كذلك صفة أخرى ولزم التسلسل وهو محال الاسم الرابع الأبدي وهو يفيد الدوام بحسب الزمان المستقبل الاسم الخامس السرمدي واشتقاق هذه اللفظة من السرد وهو التوالي والتعاقب قال عليه الصلاة والسلام في الأشهر الحرم واحد فرد وثلاثة سرد أي متعاقبة ولما كان الزمان إنما يبقى بسبب تعاقب أجزائه وتلاحق أبعاضه وكان ذلك التعاقب والتلاحق مسمى بالسرد أدخلوا عليه الميم الزائدة ليفيد المبالغة في ذلك المعنى إذا عرفت هذا فنقول الأصل في لفظ السرمد أن لا يقع إلا على الشيء الذي تحدث أجزاؤه بعضها عقيب البعض ولما كان هذا المعنى في حق الله تعالى محالا كان إطلاق لفظ السرمدي عليه مجازا فإن ورد في الكتاب والسنة أطلقناه وإلا فلا الاسم السادس المستمر وهذا بناء الاستفعال وأصله المرور والذهاب ولما كان بقاء الزمان بسبب مرور أجزائه بعضها عقيب البعض لا جرم أطلقوا المستمر إلا أن هذا إنما يصدق في حق الزمان أما في حق الله فهو محال لأنه باق بحسب ذاته المعينة لا بحسب تلاحق أبعاضه وأجزائه الاسم السابع الممتد وسميت المدة مدة لأنها تمتد بحسب تلاحق أجزائها وتعاقب أبعاضها فيكون