وحقيقة كل واحدة من تلك الصفات مركبة من أجزاء غير متناهية وذلك محال وإنما قلنا إنه يمتنع كون تلك الصفات حادثة لوجوه ( الأول ) أن قيام الحوادث بذات الله محال لأن تلك الذات إن كانت كافية في وجود تلك الصفة أو دوام عدمها لزم دوام وجود تلك الصفة أو دوام عدمها بدوام تلك الذات وإن لم تكن كافية فيه فحينئذ تكون تلك الذات واجبة الاتصاف بوجود تلك الصفة أو عدمها وذلك الوجود والعدم يكونان موقوفين على شيء منفصل والموقوف على الموقوف على الغير موقوف على الغير والموقوف على الغير ممكن لذاته ينتج أن الواجب لذاته ممكن لذاته وهو محال ( والثاني ) أن ذاته لو كانت قابلة للحوادث لكانت قابلية تلك الحوادث من لوازم ذاته فحينئذ يلزم كون تلك القابلية أزلية لأجل كون تلك الذات أزلية لكن يمتنع كون قابلية الحوادث أزلية لأن قابلية الحوادث مشروط بإمكان وجود الحوادث وإمكان وجود الحوادث في الأزل محال فكان وجود قابليتها في الأزل محالا ( الثالث ) أن تلك الصفات لما كانت حادثة فإن الإله الموصوف بصفات الإلهية كان موجودا قبل حدوث هذه الصفات فحينئذ تكون هذه الصفات مستغنى عنها في ثبوت الإلهية فوجب نفيها فثبت أن تلك الصفات إما أن تكون حادثة أو قديمة وثبت فسادهما فثبت امتناع وجود الصفة الحجة الثالثة أن تلك الصفات إما أن تكون بحيث تتم الإلهية بدونها أو لا تتم فإن كان الأول كان وجودها فضلا زائدا فوجب نفيها وإن كان الثاني كان الإله مفتقرا في تحصيل صفة الإلهية إلى شيء آخر والمحتاج لا يكون إلها الحجة الرابعة ذاته تعالى إما أن تكون كاملة في جميع الصفات المعتبرة في المدائح والكمالات وإما أن لا تكون فإن كان الأول فلا حاجة إلى هذه الصفات وإن كان الثاني كانت تلك الذات ناقصة في ذاتها مستكملة بغيرها وهذه الذات لا يليق بها صفة الإلهية الحجة الخامسة لما كان الإله هو مجموع الذات والصفات فحينئذ يكون الإله مجزأ مبعضا منقسما وذلك بعيد عن العقل لأن كل مركب ممكن لا واجب الحجة السادسة أن الله تعالى كفر النصارى في التثليث فلا يخلو إما أن يكون لأنهم قالوا بإثبات ذوات ثلاثة أو لأنهم قالوا بالذات مع الصفات والأول لا يقوله النصارى فيمتنع أن يقال إن الله كفرهم بسبب مقالة هم لا يقولون بها فبقي الثاني وذلك يوجب أن يكون القول بالصفات كفرا فهذه الوجوه يتمسك بها نفاة الصفات وإذا كان الأمر كذلك فعلى هذا التقدير يمتنع أن يحصل الله تعالى اسم بسبب قيام الصفة الحقيقية به
المسالة الثانية في دلائل مثبتي القول بالصفات
اعلم أنه ثبت أن إله العالم يجب أن يكون عالما قادرا حيا فنقول يمتنع أن يكون علمه وقدرته نفس تلك الذات ويدل عليه وجوه ( الأول ) أنا ندرك تفرقة ضرورية بديهية بين قولنا ذات الله ذات وبين قولنا ذات الله عالمة قادرة وذلك يدل على أن كونه عالما قادرا ليس نفس تلك الذات ( الثاني ) أنه يمكن العلم بكونه موجودا مع الذهول عن كونه قادرا وعالما وكذلك يمكن أن يعلم كونه قادرا مع الذهول عن كونه عالما وبالعكس وذلك يدل على أنه كونه عالما قادرا ليس نفس تلك الذات ( الثالث ) أن كونه عالما عام التعلق بالنسبة إلى الواجب والممتنع والممكن وكونه قادرا ليس عام التعلق


الصفحة التالية
Icon