وجوه الأول أن الإنعام يوجب علو حال المنعم ودناءة حال المنعم عليه بالنسبة إلى المنعم فإذا حصل التواضع بالنسبة إلى حضرة الله فذاك خير من حصول هذه الحالة بالنسبة إلى بعض الخلق الثاني أن الله تعالى إذا أنعم عليك بنعمة طلب عندها منك عملا تتوصل به إلى استحقاق نعم الآخرة فكأنه تعالى يأمرك بان تكتسب لنفسك سعادة الأبد وأما غير الله فإنه إذا أنعم عليك بنعمة أمرك بالاشتغال بخدمته والانصراف إلى تحصيل مقصوده ولا شك أن الحالة الأولى أفضل الثالث أن المنعم عليه يصير كالعبد للمنعم وعبودية الله أولى من عبودية غير الله الرابع أن السلطان إذا أنعم عليك فهو غير عالم بتفاصيل أحوالك فقد ينعم عليك حال ما تكون غنيا عن إنعامه وقد يقطع عنك إنعامه حال ما تكون محتاجا إلى إنعامه وأيضا فهو غير قادر على الإنعام عليك في كل الأوقات وبجميع المرادات أما الحق تعالى فإنه عالم بجميع المعلومات قادر على كل الممكنات فإذا ظهرت بك حاجة عرفها وإن طلبت منه شيئا قدر على تحصيله فكان ذلك أفضل الخامس الإنعام يوجب المنة وقبول المنة من الحق أفضل من قبولها من الخلق فثبت بما ذكرنا أن الرحمن الرحيم هو الله تعالى وبتقدير أن يحصل رحمن آخر فرحمة الله تعالى أكمل وأفضل وأعلى وأجل والله أعلم
الباب الحادي عشر
في بعض النكت المستخرجة من قولنا بسم الله الرحمن الرحيم النكتة الأولى مرض موسى عليه السلام واشتد وجع بطنه فشكا إلى الله تعالى فدله على عشب في المفازة فأكل منه فعوفي بإذن الله تعالى ثم عاوده ذلك المرض في وقت آخر فأكل ذلك العشب فازداد مرضه فقال يا رب أكلته أولا فانتفعت به وأكلته ثانيا فازداد مرضي فقال لأنك في المرة الأولى ذهبت مني إلى الكلأ فحصل فيه الشفاء وفي المرة الثانية ذهبت منك إلى الكلأ فازداد المرض أما علمت أن الدنيا كلها سم قاتل وترياقها اسمي الثانية باتت رابعة ليلة في التهجد والصلاة فلما انفجر الصبح نامت فدخل السارق دارها وأخذ ثيابها وقصد الباب فلم يهتد إلى الباب فوضعها فوجد الباب ففعل ذلك ثلاث مرات فنودي من زاوية البيت ضع القماش واخرج فإن نام الحبيب فالسلطان يقظان الثالثة كان بعض العارفين يرعى غنما وحضر في قطيع غنمة الذئاب وهي لا تضر أغنامه فمر عليه رجل وناداه متى اصطلح الذئب والغنم فقال الراعي من حين اصطلح الراعي مع الله تعالى الرابعة قوله بسم الله معناه أبدأ باسم الله فأسقط منه قوله أبدأ تخفيفا فإذا قلت بسم الله فكأنك قلت أبدأ باسم الله والمقصود منه التنبيه على أن العبد من أول ما شرع في العمل كان مدار أمره على التسهيل والتخفيف والمسامحة فكأنه تعالى في أول كلمة ذكرها لك جعلها دليلا على الصفح والإحسان الخامسة روي أن فرعون قبل أن يدعي الإلهية بنى قصرا وأمر أن يكتب بسم الله على بابه


الصفحة التالية
Icon