باطل بالإجماع والثالث يقتضي أن يكون المكلف مخيرا بين قراءة الفاتحة وبين قراءة غيرها وذلك باطل بالإجماع لأن الأمة مجمعة على أن قراءة الفاتحة أولى من قراءة غيرها وسلم أبو حنيفة أن الصلاة بدون قراءة الفاتحة خداج ناقص والتخيير بين الناقص والكامل لا يجوز واعلم أنه تعالى إنما سمى قراءة الفاتحة قراءة لما تيسر من القرآن لأن هذه السورة محفوظة لجميع المكلفين من المسلمين فهي متيسرة للكل وأما سائر السور فقد تكون محفوظة وقد لا تكون وحينئذ لا تكون متيسرة للكل الحجة الثانية عشرة الأمر بالصلاة كان ثابتا والأصل في الثابت البقاء خالفنا هذا الأصل عند الإتيان بها للصلاة المشتملة على قراءة الفاتحة لأن الأخبار دالة على أن سورة الفاتحة أفضل من سائر السور ولأن المسلمين أطبقوا على أن الصلاة مع قراءة هذه السورة أكمل من الصلاة الخالية عن قراءة هذه السورة فعند عدم قراءة هذه السورة وجب البقاء على الأصل الحجة الثالثة عشرة قراءة الفاتحة توجب الخروج عن العهدة باليقين فكانت أحوط فوجب القول بوجوبها للنص والمعقول أما النص فقوله عليه الصلاة والسلام
دع ما يريبك إلى ما لا يريبك وأما المعقول فهو أنه يفيد دفع ضرر الخوف عن النفس ودفع الضرر عن النفس واجب فإن قالوا فلو اعتقدنا الوجوب لاحتمل كوننا مخطئين فيه فيبقى الخوف قلت اعتقاد الوجوب يورث الخوف المحتمل واعتقاد عدم الوجوب يورثه أيضا فيتقابل هذان الضرران وأما في العمل فإن القراءة لا توجب الخوف أما تركه فيفيد الخوف فثبت أن الأحوط هو العمل الحجة الرابعة عشرة لو كانت الصلاة بغير الفاتحة جائزة وكانت الصلاة بالفاتحة جائزة لما كانت الصلاة بالفاتحة أولى لأن المواظبة على قراءة الفاتحة توجب هجران سائر السور وذلك غير جائز لكنهم أجمعوا على أن الصلاة بهذه السورة أولى فثبت أن الصلاة بغير هذه السورة غير جائزة الحجة الخامسة عشرة أجمعنا على أنه لا يجوز إبدال الركوع والسجود بغيرهما فوجب أن لا يجوز إبدال قراءة الفاتحة بغيرها والجامع رعاية الاحتياط الحجة السادسة عشرة الأصل بقاء التكليف فالقول بأن الصلاة بدون قراءة الفاتحة تقتضي الخروج عن العهدة إما أن يعرف بالنص أو القياس أما الأول فباطل لأن النص الذي يتمسكون به هو قوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القرآن المزمل ٢٠ وقد بينا أنه دليلنا وأما القياس فباطل لأن التعبدات غالبة على الصلاة وفي مثل هذه الصورة يجب ترك القياس الحجة السابعة عشرة لما ثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام واظب على القراءة طول عمره فحينئذ تكون قراءة غير الفاتحة ابتداعا وتركا للاتباع وذلك حرام لقوله عليه الصلاة والسلام اتبعوا ولا تبتدعوا ولقوله عليه الصلاة والسلام
وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها الحجة الثامنة عشرة الصلاة مع الفاتحة وبدون الفاتحة إما أن يتساويا في الفضيلة أو الصلاة مع الفاتحة أفضل والأول باطل بالإجماع لأنه عليه الصلاة والسلام واظب على الصلاة بالفاتحة فتعين