المسالة الثانية عشرة
محل الخلاف المذكور بين أبي حنيفة وزفر ينبغي أن يكون مخصوصا بما إذا قال إن كلمتك فأنت طالق أما لو قال إن تكلمت بكلمة فأنت طالق أو قال إن نطقت أو قال إن تلفظت بلفظة أو قال إن قلت قولا فأنت طالق وجب أن يكون الحق في جميع هذه المسائل قول زفر قولا واحدا والله أعلم
المسالة الثالثة عشرة
لفظ الكلمة والكلام هل يتناول المهمل أم لا منهم من قال يتناوله لأنه يصح أن يقال الكلام منه مهمل ومنه مستعمل ولأنه يصح أن يقال تكلم بكلام غير مفهوم ولأن المهمل يؤثر في السمع فيكون معنى التأثير والكلام حاصلا فيه ومنهم من قال الكلمة والكلام مختصان بالمفيد إذ لو لم يعتبر هذا القيد لزم تجويز تسمية أصوات الطيور بالكلمة والكلام
المسألة الرابعة عشرة
إذا حصلت أصوات متركبة تركيبا يدل على المعاني إلا أن ذلك التركيب كان تركيبا طبيعيا لا وضعيا فهل يسمى مثل تلك الأصوات كلمة وكلاما مثل أن الإنسان عند الراحة أو الوجع قد يقول أخ وعند السعال قد يقول أح أح فهذه أصوات مركبة وحروف مؤلفة وهي دالة على معان مخصوصة لكن دلالتها على مدلولاتها بالطبع لا بالوضع فهل تسمى أمثالها كلمات وكذلك صوت القطا يشبه كأنه يقول قطا وصوت اللقلق يشبه كانه يقول لق لق فأمثال هذه الأصوات هل تسمى كلمات اختلفوا فيه وما رأيت في الجانبين حجة معتبرة وفائدة هذا البحث تظهر فيما إذا قال إن سمعت كلمة فعبدي حر فهل يترتب الحنث والبر على سماع هذه الألفاظ أم لا
المسالة الخامسة عشرة
قال ابن جني لفظ القول يقع على الكلام التام وعلى الكلمة الواحدة على سبيل الحقيقة أما لفظ الكلام فمختص بالجملة التامة ولفظ الكلمة مختص بالمفرد وحاصل كلامه في الفرق بين البابين أنا إذا بينا أن تركيب القول يدل على الخفة والسهولة وجب أن يتناول الكلمة الواحدة أما تركيب الكلام فيفيد التأثير وذلك لا يحصل إلا من الجملة التامة إلا أن هذا يشكل بلفظ الكلمة ومما يقوي ذلك قول الشاعر قلت لها قفي فقالت قاف
سمي نطقها بمجرد القاف قولا
المسألة السادسة عشرة
قال أيضا إن لفظ القول يصح جعله مجازا عن الاعتقادات والآراء كقولك فلان يقول بقول أبي حنيفة ويذهب إلى قول مالك أي يعتقد ما كانا يريانه ويقولان به ألا ترى أنك لو سألت رجلا عن صحة رؤية الله تعالى فقال لا تجوز رؤيته فتقول هذا قول المعتزلة ولا تقول هذا كلام المعتزلة إلا على سبيل التعسف وذكر أن السبب في حسن هذا المجاز أن الاعتقاد لا يفهم إلا بغيره فلما حصلت المشابهة من هذا الوجه لا جرم حصل سبب جعله مجازا عنه
المسألة السابعة عشرة
لفظ قال قد يستعمل في غير النطق قال أبو النجم - قالت له الطير تقدم راشدا
إنك لا ترجع إلا حامدا


الصفحة التالية
Icon