جميع هذه الأشهر كما يطلق اسم الواحد على الجنس ويجوز أن يكون المراد هو رجب لأنه أكمل الأشهر الأربعة في هده الصفة
ثم قال تعالى وَلاَ الْهَدْى َ قال الواحدي الهدي ما أهدي إلى بيت الله من ناقة أو بقرة أو شاة واحدها هدية بتسكين الدال ويقال أيضاً هدية وجمعها هدى قال الشاعر
حلفت برب مكة والمصلى
وأعناق الهدى مقلدات ونظير هذه الآية قوله تعالى هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَة ِ ( المائدة ٩٥ ) وقوله وَالْهَدْى َ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ( الفتح ٢٥ )
ثم قال تعالى وَلاَ الْقَلَائِدَ والقلائد جمع قلادة وهي التي تشد على عنق العبير وغيره وهي مشهورة وفي التفسير وجوه الأول المراد منه الهدى ذوات القلائد وعطفت على الهدي مبالغة في التوصية بها لأنها أشرف الهدي كقوله وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ ( البقرة ٩٨ ) كأنه قيل والقلائد منها خصوصاً الثاني أنه نهى عن التعرض لقلائد الهدي مبالغة في النهي عن التعرض للهدي على معنى ولا تحلوا قلائدها فضلاً عن أن تحلوها كما قال وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ( النور ٣١ ) فهنى عن إبداء الزينة مبالغة في النهي عن إبداء مواضعها الثالث قال بعضهم كانت العرب في الجاهلية موظبين على المحاربة إلا في الأشهر الحرم فمن وجد في غير هذه الأشهر الحرم أصيب منه إلا أن يكون مشعراً بدنة أو بقرة من لحاء شجر الحرم أو محرماً بعمرة إلى البيت فحينئذٍ لا يتعرض له فأمر الله المسلمين بتقرير هذا المعنى
ثم قال وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ أي قوماً قاصدين المسجد الحرام وقرأ عبد الله ولا آمي البيت الحرام على الإضافة
ثم قال تعالى يَبْتَغُونَ فَضْلاً مّن رَّبّهِمْ وَرِضْواناً وفيه مسائل
المسألة الأولى قرأ حميد بن قيس الأعرج تَبْتَغُونَ بالتاء على خطاب المؤمنين
المسألة الثانية في تفسير الفضل والرضوان وجهان الأول يبتغون فضلاً من ربهم بالتجارة المباحة لهم في جحهم كقوله لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُواْ فَضْلاً مّن رَّبّكُمْ ( البقرة ١٩٨ ) قالوا نزلت في تجاراتهم أيام الموسم والمعنى لا تمنعوهم فإنما قصدوا البيت لإصلاح معاشهم ومعادهم فابتغاء الفضل للدنيا وابتغاء الرضوان للآخرة قال أهل العلم إن المشركين كانوا يقصدون بحجهم ابتغاء رضوان الله وإن كانوا لا ينالون ذلك فلا يبعد أن يحصل لهم بسبب هذا القصد نوع من الحرمة