المسألة الثانية قال صاحب ( الكشاف ) جَرَمَ يجري مجرى كسب في تعديه تارة إلى مفعول واحد وتارة إلى إثنين تقول جرم ذنباً نحو كسبه وجرمته ذنباً نحو كسبته إياه ويقال أجرمته ذنباً على نقل المتعدي إلى مفعول بالهمزة إلى مفعولين كقولهم أكسبته ذنباً وعليه قراءة عبد الله وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ بضم الياء وأول المفعولين على القراءتين ضمير المخاطبين والثاني أن تعتدوا والمعنى لا يكسبنكم بغض قوم لأن صدوكم الاعتداء ولا يحملنكم عليه
المسألة الثالثة الشنآن البغض يقال شنأت الرجل أشنؤه شنأ ومشنأ
ومشنأة وشنآنا بفتح الشين وكسرها ويقال رجل شنآن وامرأة شنآنة مصروفان ويقال شنآن بغير صرف وفعلان قد جاء وصفاً وقد جاء مصدراً
المسألة الرابعة قرأ ابن عامر وأبو بكر عن عاصم وإسماعيل عن نافع بجزم النون الأولى والباقون بالفتح قالوا والفتح أجود لكثرة نظائرها في المصادر كالضربان والسيلان والغليان والغشيان وأما بالسكون فقد جاء في الأكثر وصفاً قال الواحدي ومما جاء مصدراً كقولهم لويته حقه ليانا وشنان في قول أبي عبيدة وأنشد للأحوص
وإن غاب فيه ذو الشنان وفندا
فقوله ذو الشنان على التخفيف كقولهم إني ظمان وفلان ظمان بحذف الهمزة وإلقاء حركتها على ما قبلها
المسألة الخامسة قرأ ابن كثير وأبو عمرو أَن صَدُّوكُمْ بكسر الألف على الشرط والجزاء والباقون بفتح الألف يعني لأن صدوكم قال محمد بن جرير الطبري وهذه القراءة هي الاختيار لأن معنى صدهم إياهم عن المسجد الحرام منع أهل مكة رسول الله ( ﷺ ) والمؤمنين يوم الحديبية عن العمرة وهذه السورة نزلت بعد الحديبية وكان هذا الصد متقدماً لا محالة على نزول هذه الآية
ثم قال تعالى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ آلْعِقَابِ والمراد منه التهديد والوعيد يعني اتقوا الله ولا تستحلوا شيئاً من محارمه إن الله شديد العقاب لا يطيق أحد عقابه
حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَة ُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَة ُ وَالْمَوْقُوذَة ُ وَالْمُتَرَدِّيَة ُ وَالنَّطِيحَة ُ وَمَآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَنْ تَسْتَقْسِمُواْ بِالاٌّ زْلاَمِ ذالِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الأِسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ اضْطُرَّ فِى مَخْمَصَة ٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
قوله تعالى حُرّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَة ُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَة ُ وَالْمَوْقُوذَة ُ وَالْمُتَرَدّيَة ُ وَالنَّطِيحَة ُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ
إعلم أنه تعالى قال في أول السورة أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَة ُ ( المائدة ١ ) ثم ذكر فيه استثناء أشياء تتلى عليكم فههنا ذكر الله تعالى تلك الصور المستثناة من ذلك العموم وهي أحد عشر نوعاً الأول الميتة وكانوا