القول الثاني الضمير عائد إلى ما أمسكن يعني سموا عليه إذا أدركتم ذكاته الثالث أن يكون الضمير عائداً إلى الأكل يعني واذكروا اسم الله على الأكل روي أنه ( ﷺ ) قال لعمر بن أبي سلمة ( سم الله وكل مما يليك )
واعلم أن مذهب الشافعي رحمه الله أن متروك التسمية عامداً يحل أكله فإن حملنا هذه الآية على الوجه الثالث فلا كلام وإن حملناه على الأول والثالني كان المراد من الأمر الندب توفيقاً بينه وبين النصوص الدالة على حله وسنذكر هذه المسألة إن شاء الله تعالى في تفسير قوله وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ( الأنعام ١٢١ )
ثم قال تعالى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ أي واحذروا مخالفة أمر الله في تحليل ما أحله وتحريم ما حرمه
الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ وَلاَ مُتَّخِذِى أَخْدَانٍ وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِى الاٌّ خِرَة ِ مِنَ الْخَاسِرِينَ
قوله تعالى الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيّبَاتُ
اعلم أنه تعالى أخبر في هذه الآية المتقدمة أنه أحل الطيبات وكان المقصود من ذكره الأخبار عن هذا الحكم ثم أعاد ذكره في هذه الآية والغرض من ذكره أنه قال الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى فبين أنه كما أكمل الدين وأتمم النعمة في كل ما يتعلق بالدين فكذلك أتم النعمة في كل ما يتعلق بالدنيا ومنها إحلال الطيبات والغرض من الاعادة رعاية هذه النكتة
ثم قال تعالى وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وفي المراد بالطعام هاهنا وجوه ثلاثة الأول أنه الذبائح يعني أنه يحل لنا أكل ذبائح أهل الكتاب وأما المجوس فقد سن فيهم سنة أهل الكتاب في أخذ الجزية منهم دون أكل ذبائحهم ونكاس نسائهم وعن علي رضي الله عنه أنه استثنى نصارى بني تغلب وقال ليسوا على النصرانية ولم يأخذوا منها إلاّ شرب الخمر وبه أخذ الشافعي رحمه الله وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال لا بأس به وبه أخذوا أبو حنيفة رحمه الله
والوجه الثاني أن المراد هو الخبز والفاكهة وما لا يحتاج فيه إلى الذكاة وهو منقول عن بعض أئمة الزيدية والثالث أن المراد جميع المطعومات والأكثرون على القول الأول ورجحوا ذلك من وجوه أحدها أن الذبائح هي التي تصير طعاماً بفعل الذابح فحمل قوله وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ على الذبائح أولى وثانيها أن ما سوى الذبائح فهي محللة قبل أن كانت لأهل الكتاب وبعد أن صارت لهم فلا يبقى لتخصيصها بأهل الكتاب فائدة وثالثها ما قبل هذه الآية في بيان الصيد والذبائح فحمل هذه الآية على الذبائح أولى


الصفحة التالية
Icon