ولأنا أجمعنا على أنه يجب غسله قبل نبات الشعر فحيلولة الشعر بينه وبين الوجه لا تسقط كالجبهة لما وجب غسلها قبل نبات شعر الحاجب وجب أيضاً بعده
المسألة السادسة والعشرون قال الشافعي رحمه الله يجب إيصال الماء إلى ما تحت اللحية الخفيفة وقال أبو حنيفة رحمه الله لا يجب لنا أن قوله تعالى فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ يوجب غسل الوجه والوجه اسم للجلدة الممتدة من الجبهة إلى الذقن ترك العمل به عند كثافة اللحية عملاً بقوله وَمَا جَعَلَ عَلَيْكمْ فِى الدّينِ مِنْ حَرَجٍ ( الحج ٧٨ ) وعند خفة اللحية لم يحصل هذا الحرج فكانت الآية دالة على وجوب غسله
المسألة السابعة والعشرون هل يجب إمرار الماء على ما نزل من اللحية عن حد الوجه وعلى الخارج منها إلى الأذنين عرضاً للشافعي رحمه الله فيه قولان أحدهما أنه يجب والثاني أنه لا يجب وهو قول مالك وأبي حنيفة والمزني حجة الشافعي رحمه الله أنا توافقنا على أن في اللحية الكثيفة لا يجب إيصال الماء إلى منابت الشعور وهي الجلد وإنما أسقطنا هذا التكليف لأنا أقمنا ظاهر اللحية مقام جلدة الوجه في كونه وجهاً وإذا كان ظاهر اللحية يسمى وجهاً والوجه يجب غسله بالتمام بدليل قوله فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ لزم بحكم هذا الدليل إيصال الماء إلى ظاهر جميع اللحية
المسألة الثامنة والعشرون لو نبت للمرأة لحية يجب إيصال الماء إلى جلدة الوجه وإن كانت تلك اللحية كثيفة وذلك لأن ظاهر الآية يدل على وجوب غسل الوجه والوجه عبارة عن الجلدة الممتدة من مبدأ الجبهة إلى منتهى الذقن تركنا العمل به في حق الرجال دفعاً للحرج ولحية المرأة نادرة فتبقى على الأصل
واعلم أنه يجب إيصال الماء إلى ما تحت الشعر الكثيف في خمسة مواضع العنفقة والحاجبان والشاربان والعذاران وأهداب العين لأن قوله فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ يدل على وجوب غسل كل جلد الوجه ترك العمل به في اللحية الكثيفة دفعاً للحرج وهذه الشعور خفيفة فلا حرج في إيصال الماء إلى الجلدة فوجب أن تبقى على الأصل
المسألة التاسعة والعشرون قال الشعبي ما أقبل من الأذن معدود من الوجه فيجب غسله مع الوجه وما أدبر منه فهو معدود من الرأس فيمسح وعندنا الأذن ليست البتة من الوجه إذ الوجه ما به المواجهة والأذن ليست كذلك
المسألة الثلاثون قال الجمهور غسل اليدين إلى المرفقين واجب معهما وقال مالك وزفر رحمهما الله لا يجب غسل المرفقين وهذا الخلاف حاصل أيضاً في قوله وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ حجة زفر أن كلمة إِلَى لانتهاء الغاية وما يجعل غاية للحكم يكون خارجاً عنه كما في قوله ثُمَّ أَتِمُّواْ الصّيَامَ إِلَى الَّيْلِ ( البقرة ١٨٧ ) فوجب أن لا يجب غسل المرفقين
والجواب من وجهين الأول أن حد الشيء قد يكون منفصلاً عن المحدود بمقطع محسوس وهاهنا يكون الحد خارجاً عن المحدود وهو كقوله ثُمَّ أَتِمُّواْ الصّيَامَ إِلَى الَّيْلِ فإن النهار منفصل عن الليل انفصالاً محسوساً لأن انفصال النور عن الظلمة محسوس وقد لا يكون كذلك كقولك بعتك هذا الثوب من هذا الطرف إلى ذلك الطرف فإن طرف الثوب غير منفصل عن الثوب بمقطع محسوس


الصفحة التالية
Icon