ودخلوا تلك البلاد فهذه هي القصة والله أعلم بكيفية الأمور
المسألة الثانية الأرض المقدسلا هي الأرض المطهرة طهرت من الآفات قال المفسرون طهرت من الشرك وجعلت مسكناً وقراراً للأنبياء وهذا فيه نظر لأن تلك الأرض لما قال موسى عليه الصلاة والسلام ادْخُلُوا الاْرْضَ المُقَدَّسَة َ ما كانت مقدسة عن الشرك وما كانت مقراً للأنبياء ويمكن أن يجاب بأنها كانت كذلك فيما قبل
المسألة الثالثة اختلفوا في تلك الأرض فقال عكرمة والسدي وابن زيد هي أريحا وقال الكلبي دمشق وفلسطين وبعض الأردن وقيل الطور
المسألة الرابعة في قوله كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وجوه أحدها كتب في اللوح المحفوظ أنها لكم وثانيها وهبها الله لكم وثالثها أمركم بدخولها
فإن قيل لم قال كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ثم قال فَإِنَّهَا مُحَرَّمَة ٌ عَلَيْهِمْ ( المائدة ٢٦ )
والجواب قال ابن عباس كانت هبة ثم حرمها عليهم بشؤم تمردهم وعصيانهم وقيل اللفظ وإن كان عاماً لكن المراد هو الخصوص فصار كأنه مكتوب لبعضهم وحرام على بعضهم وقيل إن الوعد بقوله كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ مشروط بقيد الطاعة فلما لم يوجد الشرط لا جرم لم يوجد المشروط وقيل إنها محرمة عليهم أربعين سنة فلما مضى الأربعون حصل ما كتب
المسألة الخامسة في قوله كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ فائدة عظيمة وهي أن القوم وإن كانوا جبارين إلا أن الله تعالى لما وعد هؤلاء الضعفاء بأن تلك الأرض لهم فإن كانوا مؤمنين مقرين بصدق موسى عليه السلام علموا قطعاً أن الله ينصرهم عليهم ويسلطهم عليهم فلا بدّ وأن يقدموا على قتالهم من غير جبن ولا خوف ولا هلع فهذه هي الفائدة من هذه الكلمة
ثم قال وَلاَ تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ وفيه وجهان الأول لا ترجعوا عن الدين الصحيح إلى الشك في نبوّة موسى عليه السلام وذلك لأنه عليه السلام لما أخبر أن الله تعالى جعل تلك الأرض لهم كان هذا وعداً بأن الله تعالى ينصرهم عليهم فلو لم يقطعوا بهذه النصرة صاروا شاكين في صدق موسى عليه السلام فيصيروا كافرين بالإلهية والنبوّة
والوجه الثاني المراد لا ترجعوا عن الأرض التي أمرتم بدخولها إلى الأرض التي خرجتم عنها يروى أن القوم كانوا قد عزموا على الرجوع إلى مثر وقوله فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ فيه وجوه أحدها خاسرين في الآخرة فإنه يفوتكم الثواب ويلحقكم العقاب وثانيها ترجعون إلى الذل وثالثها تموتون في التيه ولا تصلون إلى شيء من مطالب الدنيا ومنافع الآخرة
قَالُوا يَامُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُواْ مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ


الصفحة التالية
Icon