المسألة الأولى إذ نصب بماذا فيه قولان الأول أنه نصب بالنبأ أي قصتهم في ذلك الوقت الثاني يجوز أن يكون بدلاً من النبأ أي واتل عليهم من النبأ نبأ ذلك الوقت على تقدير حذف المضاف
المسألة الثانية القربان اسم لما يتقرب به إلى الله تعالى من ذبيحة أو صدقة ومضى الكلام على القربان في سورة آل عمران
المسألة الثالثة تقدير الكلام وهو قوله إِذْ قَرَّبَا قُرْبَاناً قرب كل واحد منهما قربانا إلا أنه جمعهما في الفعل وأفرد الاسم لأنه يستدل بفعلهما على أن لكل واحد قربانا وقيل إن القربان اسم جنس فهو يصلح للواحد والعدد وأيضاً فالقربان مصدر كالرجحان والعدوان والكفران والمصدر لا يثنى ولا يجمع
ثم قال تعالى فَتُقُبّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الاْخَرِ وفيه مسائل
المسألة الأولى قيل كانت علامة القبول أن تأكله النار وهو قول أكثر المفسرين وقال مجاهد علامة الرد أن تأكله النار والأول أولى لاتفاق أكثر المفسرين عليه وقيل ما كان في ذلك الوقت فقير يدفع إليه ما يتقرب به إلى الله تعالى فكانت النار تنزل من السماء فتأكله
المسألة الثانية إنما صار القربانين مقبولاً والآخر مردوداً لأن حصول التقوى شرط في قبول الأعمال قال تعالى هاهنا حكاية عن المحق إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وقال فيما أمرنا به من القربان بالبدن لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَاكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ ( الحج ٣٧ ) فأخبر أن الذي يصل إلى حضرة الله ليس إلا التقوى والتقوى من صفات القلوب قال عليه الصلاة والسلام ( التقوى هاهنا ) وأشار إلى القلب وحقيقة التقوى أمور أحدها أن يكون على خوف ووجل من تقصير نفسه في تلك الطاعة فيتقى بأقصى ما يقدر عليه عن جهات التقصير وثانيها أن يكون في غاية الاتقاء من أن يأتي بتلك الطاعة لغرض سوى طلب مرضاة الله تعالى وثالثها أن يتقي أن يكون لغير الله فيه شركة وما أصعب رعاية هذه الشرائطا وقيل في هذه القصة إن أحدهما جعل قربانه أحسن ما كان معه والآخر جعل قربانه أردأ ما كان معه وقيل إنه أضمر أنه لا يبالي سواء قبل أو لم يقبل ولا يزوج أخته من هابيل وقيل كان قابيل ليس من أهل التقوى والطاعة فلذلك لم يقبل الله قربانه
ثم حكى الله تعالى عن قابيل أنه قال لهابيل اقتلنك فقال هابيل قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ وفي الكلام حذف والتقدير كأن هابيل قال لم تقتلني قال لأن قربانك صار مقبولاً فقال هابيل وما ذنبي إنما يتقبل الله من المتقين وقيل هذا من كلام الله تعالى لنبيّه محمد ( ﷺ ) اعتراضاً بين القصة كأنه تعالى بيّن لمحمد ( ﷺ ) أنه إنما لم يقبل قربانه لأنه لم يكن متقياً ثم حكى تعالى عن الأخ المظلوم أنه قال
لَئِن بَسَطتَ إِلَى َّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِى مَآ أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِى َ إِلَيْكَ لاًّقْتُلَكَ إِنِّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
والسؤال الأول وهو أنه لم لم يدفع القاتل عن نفسه مع أن الدفع عن النفس واجب وهب أنه ليس بواجب فلا أقل من أنه ليس بحرام فلم قال إِنّى أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ


الصفحة التالية
Icon