يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَواة ِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَة ٌ كَذالِكَ كُنتُمْ مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً
قوله تعالى عَظِيماً يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُواْ
أعلم أن المقصود من هذه الآية المبالغة في تحريم قتل المؤمنين وأمر المجاهدين بالتثبيت فيه لئلا يسفكوا دماً حراماً بتأويل ضعيف وهذه المبالغة تدل على أن الآية المتقدمة خطاب مع المؤمنين وفيه مسائل
المسألة الأولى قرأ حمزة والكسائي هنا وكذلك في الحجرات فَثَبّتُواْ من ثبت ثباتاً والباقون بالنون من اليان والمعنيان متقاربان فمن رجح التثبيت قال إنه خلاف الإقدام والمراد في الآية التأني وترك العجلة ومن رجح التبيين قال المقصود من التثبيت التبيين فكان التبيين أبلغ وأكمل
المسألة الثانية الضرب معناه السير فيها بالفسر للتجارة أو الجهاد وأصله من الضرب باليد وهو كناية عن الإسراع في السير فإن من ضرب إنساناً كانت حركة يده عند ذلك الضرب سريعة فجعل الضرب كناية عن الإسراع في السير قال الزجاج ومعنى ضَرَبْتُمْ فِى سَبِيلِ اللَّهِ أي غزوتم وسرتم إلى الجهاد
ثم قال تعالى وَلاَ تَقُولُواْ إِلَى الْمُسْلِمِينَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ وَأَلْقَوْاْ إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ ( النحل ٨٧ ) أي استسلموا للأمر ومن قرأ السَّلَامُ بالألف فله معنيان أحدها أن يكون المراد السلام الذي يكون هو تحية المسلمين أي لا تقولوا لمن حياتكم بهذه التحية إنه إنما قالها تعوذاً فتقدموا عليه بالسيف لتأخذوا ماله ولكن كفوا واقبلوا منه ما أظهره والثاني أن يكون المعنى لا تقولوا لمن اعتزلكم ولم يقتلكم لست مؤمناً وأصل هذا من السلامة لأن المعتزل طالب للسلامة قال صاحب الكشاف قرىء مُؤْمِناً بفتح الميم من آمنه أي لا نؤمنك
المسألة الثالثة في سبب نزول هذه الآية روايات
الرواية الأولى أن مرداس بن نهيك رجل من أهل فدك أسلم ولم يسلم من قومه غيره فذهبت سرية


الصفحة التالية
Icon