تفسير قوله خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ( البقرة ٧ ) وفي سائر الآيات فلا حاجة إلى الإعادة وأقربها أن هذا الاضلال والهداية معلقان بالمشيئة وعلى ما قالوه فهو أمر واجب على الله تعالى يجب عليه أن يفعله شاء أم أبى والله أعلم
المسألة الثالثة قوله وَالَّذِينَ كَفَرُواْ بِئَايَاتِنَا اختلفوا في المراد بتلك الآيات فمنهم من قال القرآن ومحمد ومنهم من قال يتناول جميع الدلائل والحجج وهذا هو الأصح والله أعلم
قُلْ أَرَأَيْتُكُم إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمْ السَّاعَة ُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ
أعلم أنه تعالى لما بين غاية جهل أولئك الكفار بين من حالهم أيضاً أنهم إذا نزلت بهم بلية أو محنة يفرزعون إلى الله تعالى ويلجأون إليه ولا يتمردون عن طاعته وفي الآية مسائل
المسألة الأولى قال الفراء للعرب في ( أرأيت ) لغتان إحداهما رؤية العين فإذا قلت للرجل رأيتك كان المراد أهل رأيت نفسك ثم يثنى ويجمع فنقول أرأيتكما أرأيتكم والمعنى الثاني أن تقول أرأيتك وتريد أخبرني وإذا أردت هذا المعنى تركت التاء مفتوحة على كل حال تقول أرأيتك أرأيتكما أرأيتكم أرأيتكن
إذا عرفت هذا فنقول مذهب البصريين أن الضمير الثاني وهو الكاف في قولك أرأيتك لا محل له من الاعراب والدليل قوله تعالى قَالَ أَرَءيْتَكَ هَاذَا الَّذِى كَرَّمْتَ ( الإسرار ٦٢ ) ويقال أيضا أرأيتك زيداً ما شأنه ولو جعلت الكاف محلاً لكنت كأنك تقول أرأيت نفسك زيداً ما شأنه وذلك كلام فاسد فثبت أن الكاف لا محل له من الاعراب بل هو حرف لأجل الخطاب وقال الفراء لو كانت الكاف توكيداً لوقعت التثنية والجمع على التاء كما يقعان عليها عند عدم الكاف فلما فتحت التاء في خطاب الجمع ووقعت علامة الجمع على الكاف دل ذلك على أن الكاف غير مذكور للتوكيد ألا ترى أن الكاف لو سقطت لم يصلح أن يقال لجماعة أرأيت فثبت بهذا انصراف الفعل إلى الكاف وأنها واجبة لازمة مفتقر إليها
أجاب الواحد عنه بأن هذه الحجة تبطل بكاف ذلك وأولئك فإن علامة الجمع تقع عليها مع أنها حرف للخطاب مجرد عن الاسمية والله أعلم
المسألة الثانية قرأ نافع أَرَأَيْتُكُم وأشباه ذلك بتخفيف الهمزة في كل القرآن والكسائي ترك الهمزة في كل القرآن والباقون بالهمزة أما تخفيف الهمزة فالمراد جعلها بين الهمزة والألف على التخفيف القياسي وأما مذهب الكسائي فحسن وبه قرأ عيسى بن عمر وهو


الصفحة التالية
Icon