هذه الواقعة فكان عليه السلانم يقول ( مرحباً بمن عاتبني ربي فيهم ) أو لفظ هذا معناه وذلك يدل أيضاً على الذنب
والجواب عن الأول أنه عليه السلام ما طردهم لأجل الاستخفاف بهم والاستنكاف من فقرهم وإنما عين لجلوسهم وقتاً معيناً سوى الوقت الذي كان يحضر فيه أكابر قريش فكان غرضه منه التلطف في إدخالهم في الإسلام ولعلّه عليه السلام كان يقول هؤلاء الفقراء من المسلمين لا يفوتهم بسبب هذه المعاملة أمر مهم في الدنيا وفي الدين وهؤلاء الكفار فإنه يفوتهم الدين والإسلام فكان ترجيح هذا الجانب أولى فأقصى ما يقال إن هذا الاجتهاد وقع خطأ إلا أن الخطأ في الاجتهاد مغفور وأما قوله ثانياً إن طردهم يوجب كونه عليه السلام من الظالمين
فجوابه أن الظلم عبارة عن وضع الشيء في غير موضعه والمعنى أو أولئك الضعفاء الفقراء كانوا يستحقون التعظيم من الرسول عليه السلام فإذا طردهم عن ذلك المجلس كان ذلك ظلمأْ إلا أنه من باب ترك الأولى والأفضل لا من باب ترك الواجبات وكذا الجواب عن سائر الوجوه فإنا نحمل كل هذه الوجوه على ترك الأفضل والأكمل والأولى والأحرى والله أعلم
المسألة الثالثة قرأ ابن عامر بِالْغَدَاة ِ وَالْعَشِى ّ بالواو وضم الغين وفي سورة الكهف مثله والباقون بالألف وفتح الغين قال أبو علي الفارسي الوجه قراءة العامة بالغدة لأنها تستعمل نكرة فأمكن تعريفها بإدخال لام التعريف عليها فأما ( غدوة ) فمعرفة وهو علم صيغ له وإذا كان كذلك فوجب أن يمتنع إدخال لام التعريف عليه كما يمتنع إدخاله على سائر المعارف وكتبة هذه الكلمة بالواو في المصحف لا تدل على قولهم ألا ترى أنهم كتبوا ( الصلوة ) بالواو وهي ألف فكذا ههنا قال سيبويه ( غدوة وبكرة ) جعل كل واحد منهما اسماً للجنس كما جعلوا أم حبين اسماً لدابة معروفة قال وزعم يونس عن أبي عمرو أنك إذا قلت لقيته يوماً من الأيام غدوة أو بكرة وأنت تريد المعرفة لم تنون فهذه الأشياء تقوي قراءة العامة وأما وجه قراءة ابن عامر فهو أن سيبويه قال زعم الخليل أنه يجوز أن يقال أتيتك اليوم غدوة وبكرة فجعلهما بمنزلة ضحوة والله أعلم
المسألة الرابعة في قوله يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاة ِ وَالْعَشِى ّ قولان الأول أن المراد من الدعاء الصلاة يعني يعبدون ربهم بالصلاة المكتوبة وهي صلاة الصبح وصلاة العصر وهذا قول ابن عباس والحسن ومجاهد
وقيل المراد من الغداة والعشى طرفا النهار وذكر هذين القسمين تنبيهاً على كونهم مواظبين على الصلوات الخمس
والقول الثاني المراد من الدعاء الذكر قال إبراهيم الدعاء ههنا هو الذكر والمعنى يذكرون ربهم طرفي النهار
المسألة الخامسة المجسمة تمسكوا في إثبات الأعضاء لله تعالى بقوله يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وسائر الآيات المناسبة له مثل قوله وَيَبْقَى وَجْهُ رَبّكَ ( الرحمن ٢٧ )
وجوابه أن قوله قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ( الإخلاص ١ ) يقتضي الوجدانية التامة وذلك ينافي التركيب من الأعضاء