ذالِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى قال الزجاج ذالِكُمْ رفع لكونه خبر لمبتدأ محذوف والتقدير الأمر ذلكم فذوقوه ولا يجوز أن يكون ذالِكُمْ ابتداء وقوله فَذُوقُوهُ خبر لأن ما بعد الفاء لا يكون خبراً للمبتدأ إلا أن يكون المبتدأ اسماً موصولاً أو نكرة موصوفة نحو الذي يأتيني فله درهم وكل رجل في الدار فمكرم أما أن يقال زيد فمنطلق فلا يجوز إلا أن نجعل زيداً خبراً لمبتدأ محذوف والتقدير هذا زيد فمنطلق أي فهو منطلق
المسألة الثانية أنه تعالى لما بين أن من يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب بين من بعد ذلك صفة عقابه وأنه قد يكون معجلاً في الدنيا وقد يكون مؤجلاً في الآخرة ونبه بقوله ذالِكُمْ فَذُوقُوهُ وهو المعجل من القتل والأسر على أن ذلك يسير بالإضافة إلى المؤجل لهم في الآخرة فلذلك سماه ذوقاً لأن الذوق لا يكون إلا تعرف طعم اليسير ليعرف به حال الكثير فعاجل ما حصل لهم من الآلام في الدنيا كالذوق القليل بالنسبة إلى الأمر العظيم المعد لهم في الآخرة وقوله فَذُوقُوهُ يدل على أن الذوق يحصل بطريق آخر سوى إدراك الطعوم المخصوصة وهي كقوله تعالى ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ ( الدخان ٤٩ ) وكان عليه السلام يقول ( أبيت عند ربي يطعمني ويسقيني ) فهذا يدل على إثبات الذوق والأكل والشرب بطريق روحاني مغاير للطريق الجسماني
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ وَمَن يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلاَّ مُتَحَرِّفاً لِّقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَة ٍ فَقَدْ بَآءَ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ
في الآية مسائل
المسألة الأولى قال الأزهري أصل الزحف للصبي وهو أن يزحف على أسته قبل أن يقوم وشبه بزحف الصبي مشي الطائفتين اللتين تذهب كل واحدة منهما إلى صاحبتها للقتال فيمشي كل فئة مشياً رويداً إلى الفئة الأخرى قبل التداني للضراب قال ثعلب الزحف المشي قليلاً قليلاً إلى الشيء ومنه الزحاف في الشعر يسقط مما بين حرفين حرف فيزحف أحدهما إلى الآخر


الصفحة التالية
Icon