لا يصار إليه وأما الخبر فقوله عليه السلام ( نعم الرجل صهيب لو لم يخف الله لم يعصه ) فلو كانت لفظة ( لو ) تفيد ما ذكروه لصار المعنى أنه خاف الله وعصاه وذلك متناقض فثبت أن كلمة لَوْ لا تفيد انتفاء الشيء لانتفاء غيره وإنما تفيد مجرد الاستلزام
واعلم أن هذا الدليل أحسن إلا أنه على خلاف قول جمهور الأدباء
المسألة الثالثة أن معلومات الله تعالى على أربعة أقسام أحدها جملة الموجودات والثاني جملة المعدومات والثالث أن كل واحد من الموجودات لو كان معدوماً فكيف يكون حاله الرابع أن كل واحد من المعدومات لو كان موجوداً كيف يكون حاله والقسمان الأولان علم بالواقع والقسمان الثانيان عم بالمقدر الذي هو غير واقع فقوله وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْرًا لاسْمَعَهُمْ من القسم الثاني وهو العلم بالمقدرات وليس من أقسام العلم بالواقعات ونظيره قوله تعالى حكاية عن المنافقين لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وقال تعالى لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الاْدْبَارَ ( الحشر ١١ ١٢ ) فعلم تعالى في المعدوم أنه لو كان موجوداً كيف يكون حاله وأيضاً قوله وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ ( الأنعام ٢٨ ) فأخبر عن المعدوم أنه لو كان موجوداً كيف يكون حاله
يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ
في الآية مسائل
المسألة الأولى قال أبو عبيد والزجاج اسْتَجِيبُواْ معناه أجيبوا وأنشد قول الشاعر
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
المسألة الثانية أكثر الفقهاء على أن ظاهر الأمر للوجوب وتمسكوا بهذه الآية على صحة قولهم من وجهين
الوجه الأول أن كل من أمره الله بفعل فقد دعاه إلى ذلك الفعل وهذه الآية تدل على أنه لا بد من الإجابة في كل ما دعاه الله إليه
فإن قيل قوله اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ أمر فلم قلتم إنه يدل على الوجوب وهل النزاع إلا فيه فيرجع حاصل هذا الكلام إلى إثبات أن الأمر للوجوب بناء على أن هذا الأمر يفيد الوجوب وهو يقتضي إثبات الشيء بنفسه وهو محال
والجواب أن من المعلوم بالضرورة أن كل ما أمر الله به فهو مرغب فيه مندوب إليه فلو حملنا قوله اسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ على هذا المعنى كان هذا جارياً مجرى إيضاح الواضحات وأنه عبث


الصفحة التالية
Icon