قوله وَحَاقَ بِهِم أي نزل بهم هذا العذاب يوم بدر
السؤال الثاني ما المراد بقوله إِلَى أُمَّة ٍ مَّعْدُودَة ٍ
الجواب من وجهين الأول أن الأصل في الأمة هم الناس والفرقة فإذا قلت جاءني أمة من الناس فالمراد طائفة مجتمعة قال تعالى وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّة ً مّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ( القصص ٢٣ ) وقوله وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّة ٍ ( يوسف ٤٥ ) أي بعد انقضاء أمة وفنائها فكذا ههنا قوله وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّة ٍ مَّعْدُودَة ٍ أي إلى حين تنقضي أمة من الناس انقرضت بعد هذا الوعيد بالقول لقالوا ماذا يحبسه عنا وقد انقرض من الناس الذين كانوا متوعدين بهذا الوعيد وتسمية الشيء باسم ما يحصل فيه كقولك كنت عند فلان صلاة العصر أي في ذلك الحين الثاني أن اشتقاق الأمة من الأَم وهو القصد كأنه يعني الوقت المقصود بإيقاع هذا الموعود فيه
السؤال الثالث لم قال وَحَاقَ على لفظ الماضي مع أن ذلك لم يقع
والجواب قد مر في هذا الكتاب آيات كثيرة من هذا الجنس والضابط فيها أنه تعالى أخبر عن أحوال القيامة بلفظ الماضي مبالغة في التأكيد والتقرير
وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَة ً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُورٌ وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَائِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَة ٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ
اعلم أنه تعالى لما ذكر أن عذاب أولئك الكفار وإن تأخر إلا أنه لا بد وأن يحيق بهم ذكر بعده ما يدل على كفرهم وعلى كونهم مستحقين لذلك العذاب فقال وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ وفيه مسائل
المسألة الأولى لفظ الإِنسَانَ في هذه الآية فيه قولان
القول الأول أن المراد منه مطلق الإنسان ويدل عليه وجوه الأول أنه تعالى استثنى منه قوله إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ والاستثناء يخرج من الكلام ما لولاه لدخل فثبت أن الإنسان المذكور في هذه الآية داخل فيه المؤمن والكافر وذلك يدل على ما قلناه الثاني أن هذه الآية موافقة على هذا التقرير لقوله تعالى وَالْعَصْرِ إِنَّ الإنسَانَ لَفِى خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ( العصر ١ ٣ ) وموافقة أيضاً لقوله تعالى إِنَّ الإنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ( المعارج ١٩ ٢١ ) الثالث أن مزاج الإنسان مجبول على الضعف والعجز قال ابن جريج في تفسير هذه الآية يا ابن آدم إذا نزلت لك نعمة من الله فأنت كفور فإذا نزعت منك فيؤس قنوط


الصفحة التالية
Icon