أما الأول فهو كقوله ما رأيت من أحد والتقدير ما رأيت أحداً فكذا ههنا تقدير الآية أن تفرقهم ما كان يغني من قضاء الله شيئاً أي ذلك التفرق ما كان يخرج شيئاً من تحت قضاء الله تعالى
وأما الثاني فكقولك ما جاءني من أحد وتقديره ما جاءني أحد فكذا ههنا التقدير ما كان يغني عنهم من الله شيء مع قضائه
أما قوله إِلاَّ حَاجَة ً فِى نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا فقال الزجاج إنه استثناء منقطع والمعنى لكن حاجة في نفس يعقوب قضاها يعني أن الدخول على صفة التفرق قضاء حاجة في نفس يعقوب قضاها ثم ذكروا في تفسير تلك الحاجة وجوهاً أحدها خوفه عليهم من إصابة العين وثانيها خوفه عليهم من حسد أهل مصر وثالثها خوفه عليهم من أن يقصدهم ملك مصر بشر ورابعها خوفه عليهم من أن لا يرجعوا إليه وكل هذه الوجوه متقاربة
وأما قوله وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لّمَا عَلَّمْنَاهُ فقال الواحدي يحتمل أن يكون مَا مصدرية والهاء عائدة إلى يعقوب والتقدير وإنه لذو علم من أجل تعليمنا إياه ويمكن أن تكون مَا بمعنى الذي والهاء عائدة إليها والتأويل وإنه لذو علم للشيء الذي علمناه يعني أنا لما علمناه شيئاً حصل له العلم بذلك الشيء وفي الآية قولان آخران الأول أن المراد بالعلم الحفظ أي أنه لذو حفظ لما علمناه ومراقبة له والثاني لذو علم لفوائد ما علمناه وحسن آثاره وهو إشارة إلى كونه عاملاً بما علمه ثم قال وَلَاكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ وفيه وجهان الأول ولكن أكثر الناس لا يعلمون مثل ما علم يعقوب والثاني لا يعلمون أن يعقوب بهذه الصفة والعلم والمراد بأكثر الناس المشركون فإنهم لا يعلمون بأن الله كيف أرشد أولياءه إلى العلوم التي تنفعهم في الدنيا والآخرة
وَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّى أَنَاْ أَخُوكَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَة َ فِى رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ قَالُواْ نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَن جَآءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَاْ بِهِ زَعِيمٌ
اعلم أنهم لما أتوه بأخيه بنيامين أكرمهم وأضافهم وأجلس كل اثنين منهم على مائدة فبقي بنيامين وحده فبكى وقال لو كان أخي يوسف حياً لأجلسني معه فقال يوسف بقي أخوكم وحيداً فأجلسه معه على مائدة ثم أمر أن ينزل منهم كل اثنين بيتاً وقال هذا لا ثاني له فاتركوه معي فآواه إليه ولما رأى يوسف تأسفه على أخ له هلك قال له أتحب أن أكون أخاك بدل أخيك الهالك قال من يجد أخاً مثلك ولكنك لم يلدك


الصفحة التالية
Icon