وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلاَ تَسْأَلْنِى مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّى أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ قَالَ رَبِّ إِنِّى أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِى بِهِ عِلْمٌ وَإِلاَّ تَغْفِرْ لِى وَتَرْحَمْنِى أَكُن مِّنَ الْخَاسِرِينَ
وفيه مسألتان
المسألة الأولى اعلم أن قوله رَبّ إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى فقد ذكرنا الخلاف في أنه هل كان ابناً له أم لا فلا نعيده ثم إنه تعالى ذكر أنه قال قَالَ يانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ واعلم أنه لما ثبت بالدليل أنه كان ابناً له وجب حمل قوله إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ على أحد وجهين أحدهما أن يكون المراد أنه ليس من أهل دينك والثاني المراد أنه ليس من أهلك الذين وعدتك أن أنجيهم معك والقولان متقاربان
المسألة الثانية هذه الآية تدل على أن العبرة بقرابة الدين لا بقرابة النسب فإن في هذه الصورة كانت قرابة النسب حاصلة من أقوى الوجوه ولكن لما انتفت قرابة الدين لا جرم نفاه الله تعالى بأبلغ الألفاظ وهو قوله إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ
ثم قال تعالى إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ قرأ الكسائي عمل على صيغة الفعل الماضي وغير بالنصب والمعنى إن ابنك عمل عملاً غير صالح يعني أشرك وكذب وكلمة غَيْرِ نصب لأنها نعت لمصدر محذوف وقرأ الباقون عمل بالرفع والتنوين وفيه وجهان الأول أن الضمير في قوله إنه عائد إلى السؤال يعني أن هذا السؤال عمل وهو قوله إِنَّ ابُنِى مِنْ أَهْلِى وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ غير صالح لأن طلب نجاة الكافر بعد أن سبق الحكم الجزم بأنه لا ينجي أحداً منهم سؤال باطل الثاني أن يكون هذا الضمير عائداً إلى الابن وعلى هذا التقدير ففي وصفه بكوه عملاً غير صالح وجوه الأول أن الرجل إذا كثر عمله وإحسانه يقال له إنه علم وكرم وجود فكذا ههنا لما كثر إقدام ابن نوح على الأعمال الباطلة حكم عليه بأنه


الصفحة التالية
Icon