التنزيل فيقال له إنك لا تأتينا ألبتة إلا بهذه التصلفات التي لا فائدة فيها فأين هذا من الحجة والدليل وأيضاً فإن ترادف الدلائل على الشيء الواحد جائز وأنه عليه الصلاة والسلام كان ممتنعاً عن الزنا بحسب الدلائل الأصلية فلما انضاف إليها هذه الزواجر قوي الانزجار وكمل الاحتراز والعجب أنهم نقلوا أن جرواً دخل حجرة النبي ( ﷺ ) وبقي هناك بغير عمله قالوا فامتنع جبريل عليه السلام من الدخول عليه أربعين يوماً وههنا زعموا أن يوسف عليه السلام حال اشتغاله بالفاحشة ذهب إليه جبريل عليه السلام والعجب أنهم زعموا أنه لم يمتنع عن ذلك العمل بسبب حضور جبريل عليه السلام ولو أن أفسق الخلق وأكفرهم كان مشتغلاً بفاحشة فإذا دخل عليه رجل على زي الصالحين استحيا منه وفر وترك ذلك العمل وههنا أنه رأى يعقوب عليه السلام عض على أنامله فلم يلتفت إليه ثم إن جبريل عليه السلام على جلالة قدره دخل عليه فلم يمتنع أيضاً عن ذلك القبيح بسبب حضوره حتى احتاج جبريل عليه السلام إلى أن يركضه على ظهره فنسأل الله أن يصوننا عن الغي في الدين والخذلان في طلب اليقين فهذا هو الكلام المخلص في هذه المسألة والله أعلم
المسألة الثالثة في الفرق بين السوء والفحشاء وفيه وجوه الأول أن السوء جناية اليد والفحشاء هو الزنا الثاني السوء مقدمات الفاحشة من القبلة والنظر بالشهوة والفحشاء هو الزنا أما قوله إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ أي الذين أخلصوا دينهم لله تعالى ومن فتح اللام أراد الذين خلصهم الله من الأسواء ويحتمل أن يكون المراد أنه من ذرية إبراهيم عليه السلام الذي قال الله فيهم إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخَالِصَة ٍ ( ص ٤٦ )
المسألة الرابعة قرأ ابن كثير وابن عامر وأبو عمرو الْمُخْلَصِينَ بكسر اللام في جميع القرآن والباقون بفتح اللام
وَاسُتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِن دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَآءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُو ءًا إِلاَ أَن يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ قَالَ هِى َ رَاوَدَتْنِى عَن نَّفْسِى وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّنْ أَهْلِهَآ إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَاذَا وَاسْتَغْفِرِى لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ
اعلم أنه تعالى لما حكى عنها أنها هَمَّتْ أتبعه بكيفية طلبها وهربه فقال وَاسُتَبَقَا الْبَابَ والمراد أنه


الصفحة التالية
Icon