أراد المطوحات وقرر ابن الأنباري ذلك فقال تقول العرب أبقل النبت فهل باقل يريدون هو مبقل وهذا بدل على جواز ورود لاقح عبارة عن ملقح
والوجه الثاني في الجواب قال الزجاج يجوز أن يقال لها لواقح وإن ألحقت غيرها لأن معناها النسبة وهو كما يقال درهم وازن أي ذو وزن ورامح وسائف أي ذو رمح وذو سيف قال الواحدي هذا الجواب ليس بمغن لأنه كان يجب أن يصح اللاقح بمعنى ذات اللقاح وهذا ليس بشيء لأن اللاقح هو المنسوب إلى اللقحة ومن أفاد غيره اللقحة فله نسبة إلى اللقحة فصح هذا الجواب والله أعلم
والوجه الثالث في الجواب أن الريح في نفسها لاقح وتقريره بطريقين
الطريق الأول أن الريح حاصلة للسحاب والدليل عليه قوله سبحانه وَهُوَ الَّذِى يُرْسِلُ الرّيَاحَ بُشْرًاَ بَيْنَ يَدَى ْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالاً ( الأعراف ٥٧ ) أي حملت فعلى هذا المعنى تكون الريح لاقحة بمعنى أنها حاملة تحمل السحاب والماء
والطريق الثاني قال الزجاج يجوز أن يقال للريح لقحت إذا أتت بالخير كما قيل لها عقيم إذا لم تأت بالخير وهذا كما تقول العرب قد لقحت الحرب وقد نتجت ولداً أنكد يشبهون ما تشتمل عليه من ضروب الشر بما تحمله الناقة فكذا ههنا والله أعلم
المسألة الثانية الريح هواء متحرك وحركة الهواء بعد أن لم يكن متحركاً لا بد له من سبب وذلك السبب ليس نفس كونه هواء ولا شيئاً من لوازم ذاته وإلا لدامت حركة الهواء بدوام ذاته وذلك محال فلم يبق إلا أن يقال إنه يتحرك بتحريك الفاعل المختار والأحوال التي تذكرها الفلاسفة في سبب حركة الهواء عند حدوث الريح قد حكيناها في هذا الكتاب مراراً فأبطلناها وبينا أنه لا يمكن أن يكون شيء منها سبباً لحدوث الرياح فبقي أن يكون محركها هو الله سبحانه
وأما قوله وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ ففيه مباحث الأول أن ماء المطر هل ينزل من السماء أو ينزل من ماء السحاب وبتقدير أن يقال إنه ينزل من السحاب كيف أطلق الله على السحاب لفظ السماء وثانيها أنه ليس السبب في حدوث المطر ما يذكره الفلاسفة بل السبب فيه أن الفاعل المختار ينزله من السحاب إلى الأرض لغرض الإحسان إلى العباد كما قال ههنا فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ قال الأزهري تقول العرب لكل ما كان في بطون الأنعام ومن السماء أو نهر يجري أسقيته أي جعلته شرباً له وجعلت له منها مسقى فإذا كانت السقيا لسقيه قالوا سقاه ولم يقولوا أسقاه والذي يؤكد هذا اختلاف القراء في قوله نُّسْقِيكُمْ مّمَّا فِى بُطُونِهِ ( النحل ٦٦ ) فقرؤا باللغتين ولم يختلفوا في قوله وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً ( الإنسان ٢١ ) وفي قوله وَالَّذِى هُوَ يُطْعِمُنِى وَيَسْقِينِ ( الشعراء ٧٩ ) قال أبو علي سقيته حتى روي وأسقيته نهراً أي جعلته شرباً له وقوله فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ أي جعلناه سقياً لكم وربما قالوا في أسقى سقى كقول لبيد يصف سحاباً أقول وصوبه مني بعيد
يحط السيب من قلل الجبال
سقى قومي بني نجد وأسقى
نميرا والقبائل من هلال