الشجرة ثم إن تلك الشجرة لا تزال تزداد وتنمو وتقوى ثم يخرج منها الأوراق والأزهار والأكمام والثمار ثم إن تلك الثمرة تشتمل على أجسام مختلفة الطبائع مثل العنب فإن قشره وعجمه باردان يابسان كثيفان ولحمه وماؤه حاران رطبان لطيفان
إذا عرفت هذا فنقول نسبة الطبائع السفلية إلى هذا الجسم متشابهة ونسبة التأثيرات الفلكية والتحريكات الكوكبية إلى الكل متشابهة ومع تشابه نسب هذه الأشياء ترى هذه الأجسام مختلفة في الطبع والطعم واللون والرائحة والصفة فدل صريح العقل على أن ذلك ليس إلا لأجل فاعل قادر حكيم رحيم فهذا تقدير هذه الدلالة
البحث الثاني أنه تعالى ختم هذه الآية بقوله لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ والسبب فيه أنه تعالى ذكر أنه أَنزَلَ مِنَ الْسَّمَاء مَآء يُنبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالاعْنَابَ
ولقائل أن يقول لا نسلم أنه تعالى هو الذي أنبتها ولم لا يجوز أن يقال إن هذه الأشياء إنما حدثت وتولدت بسبب تعاقب الفصول الأربعة وتأثيرات الشمس والقمر والكواكب وإذا عرفت هذا السؤال فما لم يقم الدليل على فساد هذا الاحتمال لا يكون هذا الدليل تاماً وافياً بإفادة هذا المطلوب بل يكون مقام الفكر والتأمل باقياً فلهذا السبب ختم هذه الآية بقوله لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ


الصفحة التالية
Icon