إسرائيل فيها تحت قهر فرعون ومنها ما كان أيام الراحة والنعماء مثل إنزال المن والسلوى وانفلاق البحر وتظليل الغمام
ثم قال تعالى إِنَّ فِى ذالِكَ لآيَاتٍ لّكُلّ صَبَّارٍ شَكُورٍ والمعنى أن في ذلك التذكير والتنبيه دلائل لمن كان صباراً شكوراً لأن الحال إما أن يكون حال محنة وبلية أو حال منحة وعطية فإن كان الأول كان المؤمن صباراً وإن كان الثاني كان شكوراً وهذا تنبيه على أن المؤمن يجب أن لا يخلو زمانه عن أحد هذين الأمرين فإن جرى الوقت على ما يلائم طبعه ويوافق إرادته كان مشغولاً بالشكر وإن جرى ما لا يلائم طبعه كان مشغولاً بالصبر
فإن قيل إن ذلك التذكيرات آيات للكل فلماذا خص الصبار الشكور بها
قلنا فيه وجوه الأول أنهم لما كانوا هم المنتفعون بتلك الآيات صارت كأنها ليست آيات إلا لهم كما في قوله هُدًى لّلْمُتَّقِينَ وقوله إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا والثاني لا يبعد أن يقال الانتفاع بهذا النوع من التذكير لا يمكن حصوله إلا لمن كان صابراً أو شاكراً أما الذي لا يكون كذلك لم ينتفع بهذه الآيات
واعلم أنه تعالى لما ذكر أنه أمر موسى عليه السلام بأن يذكرهم بأيام الله تعالى حكى عن موسى عليه السلام أنه ذكرهم بها فقال وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَة َ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنجَاكُمْ مّنْ ءالِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوء الْعَذَابِ فقوله إِذْ أَنجَاكُمْ ظرف للنعمة بمعنى الأنعام أي اذكروا إنعام الله عليكم في ذلك الوقت بقي في الآية سؤالات
السؤال الأول ذكر في سورة البقرة يُذَبّحُونَ ( البقرة ٤٩ ) وفي سورة الأعراف يَقْتُلُونَ ( الأعراف ٤١ ) وههنا وَيُذَبّحُونَ مع الواو فما الفرق
والجواب قال تعالى في سورة البقرة يُذَبّحُونَ بغير واو لأنه تفسير لقوله سُوء الْعَذَابِ وفي التفسير لا يحسن ذكر الواو تقول أتاني القوم زيد وعمرو لأنك أردت أن تفسر القوم بهما ومثله قوله تعالى وَمَن يَفْعَلْ ذالِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ ( الفرقان ٦٨ ٦٩ ) فالآثام لما صار مفسراً بمضاعفة العذاب لا جرم حذف عنه الواو أما في هذه السورة فقد أدخل الواو فيه لأن المعنى أنهم يعذبونهم بغير التذبيح وبالتذبيح أيضاً فقوله وَيُذَبّحُونَ نوع آخر من العذاب لا أنه تفسير لما قبله
السؤال الثاني كيف كان فعل آل فرعون بلاء من ربهم
والجواب من وجهين أحدهما أن تمكين الله إياهم حتى فعلوا ما فعلوا كان بلاء من الله والثاني وهو أن ذلك إشارة إلى الإنجاء وهو بلاء عظيم والبلاء هو الابتلاء وذلك قد يكون بالنعمة تارة وبالمحنة أخرى قال تعالى وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَة ً ( الأنبياء ٣٥ ) وهذا الوجه أولى لأنه يوافق صدر الآية وهو قوله تعالى وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُواْ نِعْمَة َ اللَّهِ عَلَيْكُمْ
السؤال الثالث هب أن تذبيح الأبناء كان بلاء أما استحياء النساء كيف يكون بلاء
الجواب كانوا يستخدمونهن بالاستحياء في الخلاص منه نعمة وأيضاً إبقاؤهن منفردات عن الرجال فيه أعظم المضار