المسألة الثانية كتبوا الضعفاء بواو قبل الهمزة في بعض المصاحف والسبب فيه أنه كتب على لفظ من يفخم الألف قبل الهمزة فيميلها إلى الواو ونظيره علماء بني إسرائيل
المسألة الثالثة الضعفاء الأتباع والعوام والذين استكبروا هم السادة والكبراء قال ابن عباس المراد أكابرهم الذين استكبروا عن عبادة الله تعالى إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا أي في الدنيا قال الفراء وأكثر أهل اللغة التبع تابع مثل خادم وخدم وباقر وبقر وحارس وحرس وراصد ورصد قال الزجاج وجائز أن يكون مصدراً سمي به أي كنا ذوي تبع
واعلم أن هذه التبعية يحتمل أن يقال المراد منها التبعية في الكفر ويحتمل أن يكون المراد منها التبعية في أحوال الدنيا فَهَلْ أَنتُمْ مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِن شَى ْء أي هل يمكنكم دفع عذاب الله عنا
فإن قيل فما الفرق بين من في قوله مّنْ عَذَابِ اللَّهِ وبينه في قوله مِن شَى ْء
قلنا كلاهما للتبعيض بمعنى هل أنتم مغنون عنا بعض شيء هو عذاب الله أي بعض عذاب الله وعند هذا حكى الله تعالى عن الذين استكبروا أنهم قالوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ وفيه وجوه الأول قال ابن عباس معناه لو أرشدنا الله لأرشدناكم قال الواحدي معناه أنهم إنما دعوهم إلى الضلال لأن الله تعالى أضلهم ولم يهدهم فدعوا أتباعهم إلى الضلال ولو هداهم لدعوهم إلى الهدى قال صاحب ( الكشاف ) لعلهم قالوا ذلك مع أنهم كذبوا فيه ويدل عليه قوله تعالى حكاية عن المنافقين يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهِ جَمِيعاً فَيَحْلِفُونَ لَهُ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ( المجادلة ١٨ )
واعلم أن المعتزلة لا يجوزون صدور الكذب عن أهل القيامة فكان هذا القول منه مخالفاً لأصول مشايخه فلا يقبل منه الثاني قال صاحب ( الكشاف ) يجوز أن يكون المعنى لو كنا من أهل اللطف فلطف بنا ربنا واهتدينا لهديناكم إلى الإيمان وذكر القاضي هذا الوجه وزيفه بأن قال لا يجوز حمل هذا على اللطف لأن ذلك قد فعله الله تعالى والثالث أن يكون المعنى لو خلصنا الله من العقاب وهدانا إلى طريق الجنة لهديناكم والدليل على أن المراد من الهدى هذا الذي ذكرناه أن هذا هو الذي التمسوه وطلبوه فوجب أن يكون المراد من الهداية هذا المعنى
ثم قال سَوَاء عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا أي مستو علينا الجزع والصبر والهمزة وأم للتسوية ونظيره اصْبِرُواْ أَوْ لاَ تَصْبِرُواْ سَوَاء عَلَيْكُمْ ( الطور ١٦ ) ثم قالوا ما لنا من محيص أي منجي ومهرب والمحيص قد يكون مصدراً كالمغيب والمشيب ومكاناً كالمبيت والمضيق ويقال حاص عنه وحاض بمعنى واحد والله أعلم
وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِى َ الاٌّ مْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِى َ عَلَيْكُمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلاَ تَلُومُونِى وَلُومُوا أَنفُسَكُمْ مَّآ أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَآ أَنتُمْ بِمُصْرِخِى َّ إِنِّى كَفَرْتُ بِمَآ أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ