إنفاقاً فإن قيل فيم انتصب رزقاً قلنا إن كان من للتبعيض كان انتصابه بأنه مفعول له وإن كا نت مبينة كان مفعولاً لأخرج السؤال الخامس الثمر المخرج بماء السماء كثير فلم قيل الثمرات دون الثمر أو الثمار الجواب تنبيهاً على قلة ثمار الدنيا وإشعاراً بتعظيم أمر الآخرة والله أعلم
أما قوله تعالى فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ففيه سؤالات السؤال الأول بم تعلق قوله فَلاَ تَجْعَلُواْ الجواب فيه ثلاثة أوجه أحدها أن يتعلق بالأمر أي أعبدوا فلا تجعلوا لله أنداداً فإن أصل العبادة وأساسها التوحيد وثانيها بلعل والمعنى خلقكم لكي تنقوا وتخافوا عقابه فلا تثبتوا له نداً فإنه من أعظم موجبات العقاب وثالثها بقوله الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الاْرْضَ فِرَاشاً أي هو الذي خلق لكم هذه الدلائل الباهرة فلا تتخذوا له شركاء السؤال الثاني ما الند الجواب أنه المثل المنازع وناددت الرجل نافرته من ند ندوداً إذا نفر كأن كل واحد من الندين يناد صاحبه أي ينافره ويعانده فإن قيل إنهم لم يقولوا إن الأصنام تنازع الله قلنا لما عبدوها وسموها آلهة أشبهت حالهم حال من يعتقد أنها آلهة قادرة على منازعته فقيل لهم ذلك على سبيل التهكم وكما تهكم بلفظ الند شنع عليهم بأنهم جعلوا أنداداً كثيرة لمن لا يصلح أن يكون له ند قط وقرأ محمد بن السميفع فلا تجعلوا لله نداً السؤال الثالث ما معنى وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ الجواب معناه إنكم لكمال عقولكم تعلمون أن هذه الأشياء لا يصح جعلها أنداداً لله تعالى فلا تقولوا ذلك فإن القول القبيح ممن علم قبحه يكون أقبح وههنا مسائل
المسألة الأولى اعلم أنه ليس في العالم أحد يثبت لله شريكاً يساويه في الوجود والقدرة والعلم والحكمة وهذا مما لم يوجد إلى الآن لكن الثنوية يثبتون إلهين أحدهما حليم يفعل الخير والثاني سفيه يفعل الشر وأما اتخاذ معبود سوى الله تعالى ففي الذاهبين إلى ذلك كثرة الفريق الأول عبدة الكواكب وهم الصابئة فإنهم يقولون إن الله تعالى خلق هذه الكواكب وهذه الكواكب هي المدبرات لهذا العالم قالوا فيجب علينا أن نعبد الكواكب والكواكب تعبد الله تعالى والفريق الثاني النصارى الذين يعبدون المسيح عليه السلام والفريق الثالث عبدة الأوثان واعلم أنه لا دين أقدم من دين عبدة الأوثان وذلك لأن أقدم الأنبياء الذين نقل إلينا تاريخهم هو نوح عليه السلام وهو إنما جاء بالرد عليهم على ما أخبر الله تعالى عن قومه في قوله وَقَالُواْ لاَ تَذَرُنَّ ءالِهَتَكُمْ وَلاَ تَذَرُنَّ وَدّاً وَلاَ سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً ( نوح ٢٣ ) فعلمنا أن هذه المقالة كانت موجودة قبل نوح عليه السلام وهي باقية إلى الآن بل أكثر أهل العالم مستمرون على هذه المقالة والدين والمذهب الذي هذا شأنه يستحيل أن يكون بحيث يعرف فساده بالضرورة لكن العلم بأن هذا الحجر المنحوت في هذه الساعة ليس هو الذي خلقني وخلق السموات والأرض علم ضروري فيستحيل إطباق الجمع العظيم عليه فوجب أن يكون لعبدة الأوثان غرض آخر سوى ذلك والعلماء ذكروا فيه وجوهاً


الصفحة التالية
Icon