أحدها أن الاستحقاقين إما أن يتضادا أو لا يتضادا فإن تضادا كان طريان الطارىء مشروطاً بزوال الباقي فلو كان زوال الباقي معللاً بطريان الطارىء لزم الدور وهو محال وثانيها أن المنافاة حاصلة من الجانبين فليس زوال الباقي لطريان الطارىء أولى من اندفاع الطارىء بقيام الباقي فإما أن يوجدا معاً وهو محال أو يتدافعا فحينئذٍ يبطل القول بالمحابطة وثالثها أن الاستحقاقين إما أن يتساويا أو كان المقدم أكثر أو أقل فإن تعادلا مثل أن يقال كان قد حصل استحقاق عشرة أجزاء من الثواب فطرأ استحقاق عشرة أجزاء من العقاب فنقول استحقاق كل واحد من أجزاء العقاب مستقل بإزالة كل واحد من أجزاء استحقاق الثواب وإذا كان كذلك لم يكن تأثير هذا الجزء في إزالة هذا الجزء أولى من تأثيره في إزالة ذلك الجزء ومن تأثير جزء آخر في إزالته فأما أن يكون كل واحد من هذه الأجزاء الطارئة مؤثراً في إزالة كل واحد من الأجزاء المتقدمة فيلزم أن يكون لكل واحد من العلل معلولات كثيرة ولكل واحد من المعلولات علل كثيرة مستقلة وكل ذلك محال وإما أن يختص كل واحد من الأجزاء الطارئة بواحد من الباقي من غير مخصص فذلك محال لامتناع ترجح أحد طرفي الممكن على الآخر لا لمرجح وأما إن كان المقدم أكثر فالطارىء لا يزيل إلا بعض أجزاء الباقي فلم يكن بعض أجزاء الباقي أن يزول به أولى من سائر الأجزاء فأما أن يزول الكل وهو محال لأن الزائل لا يزول إلا بالناقص أو يتعين البعض للزوال من غير مخصص وهو محال أو لا يزول شيء منها وهو المطلوب وأيضاً فهذا الطارىء إذا أزال بعض أجزاء الباقي فإما أن يبقى الطارىء أو يزول أما القول ببقاء الطارىء فلم يقل به أحد من العقلاء وأما القول بزواله فباطل لأنه إما أن يكون تأثير كل واحد منهما في إزالة الآخر معاً أو على الترتيب والأول باطل لأن المزيل لا بدّ وأن يكون موجوداً حال الإزالة فلو وجد الزوالان معاً لوجد المزيلان معاً فيلزم أن يوجدا حال ما عدما وهو محال وإن كان على الترتيب فالمغلوب يستحيل أن ينقلب غالباً وأما إن كان المتقدم أقل فأما أن يكون المؤثر في زواله بعض أجزاء الطارىء وذلك محال لأن جميع أجزائه صالح للإزالة واختصاص البعض بذلك ترجيح من غير مرجح وهو محال وإما أن يصير الكل مؤثراً في الإزالة فيلزم أن يجتمع على المعلول الواحد علل مستقلة وذلك محال فقد ثبت بهذه الوجوه العقلية فساد القول بالإحباط وعند هذا تعين في الجواب قولان الأول قول من اعتبر الموافاة وهو أن شرط حصول الإيمان أن لا يموت على الكفر فلو مات على الكفر علمنا أن ما أتى به أولاً كان كفراً وهذا قول ظاهر السقوط الثاني أن العبد لا يستحق على الطاعة ثواباً ولا على المعصية عقاباً استحقاقاً عقلياً واجباً وهو قول أهل السنّة واختيارنا وبه يحصل الخلاص من هذه الظلمات
المسألة الثالثة احتج المعتزلة على أن الطاعة توجب الثواب فإن في حال ما بشرهم بأن لهم جنات لم يحصل ذلك لهم على طريق الوقوع ولما لم يمكن حمل الآية عليه وجب حملها على استحقاق الوقوع لأنه يجوز التعبير بالوقوع عن استحقاق الوقوع مجازاً
المسألة الرابعة الجنة البستان من النخل والشجر المتكاتف المظلل بالتفاف أغصانه والتركيب دائر على معنى الستر وكأنها لتكاثفها وتظليلها سميت بالجنة التي هي المرة من مصدر جنه إذا ستره كأنها سترة


الصفحة التالية
Icon