مختلف وفي الآية قول ثالث على لسان أهل المعرفة وهو أن كمال السعادة ليس إلا في معرفة ذات الله تعالى ومعرفة صفاته ومعرفة أفعاله من الملائكة الكروبية والملائكة الروحانية وطبقات لأرواح وعالم السموات وبالجملة يجب أن يصير روح الإنسان كالمرآة المحاذية لعالم القدس ثم إن هذه المعارف تحصل في الدنيا ولا يحصل بها كمال الالتذاذ والابتهاج لما أن العلائق البدنية تعوق عن ظهور تلك السعادات واللذات فإذا زال هذا العائق حصلت السعادة العظيمة والغبطة الكبرى فالحاصل أن كل سعادة روحانية يجدها الإنسان بعد الموت فإنه يقول هذه هي التي كانت حاصلة لي حين كنت في الدنيا وذلك إشارة إلى أن الكمالات النفسانية الحاصلة في الآخرة هي التي كانت حاصلة في الدنيا إلا أنها في الدنيا ما أفادت اللذة والبهجة والسرورة وفي الآخرة أفادت هذه الأشياء لزوال العائق أما قوله وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً ففيه سؤالان السؤال الأول إلام يرجح الضمير في قوله وَأُتُواْ بِهِ الجواب إن قلنا المشبه به هو رزق الدنيا فإلى الشيء المرزوق في الدنيا والآخرة يعني أتوا بذلك النوع متشابهاً يشبه الحاصل منه في الآخرة ما كان حاصلاً منه في الدنيا وإن قلنا المشبه به هو رزق الجنة أيضاً فإلى الشيء المرزوق في الجنة يعني أتوا بذلك النوع في الجنة بحيث يشبه بعضه بعضاً السؤال الثاني كيف موقع قوله وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً من نظم الكلام والجاب أن الله تعالى لما حكى عن أهل الجنة ادعاء تشابه الأرزاق في قوله قَالُواْ هَاذَا الَّذِى رُزِقْنَا مِن قَبْلُ فالله تعالى صدقهم في تلك الدعوة بقوله وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً أما قوله وَلَهُمْ فِيهَا أَزْواجٌ مُّطَهَّرَة ٌ فالمراد طهارة أبدانهن من الحيض والاستحاضة وجميع الأقذار وطهارة أزواجهن من جميع الخصال الذميمة ولا سيما ما يختص بالنساء وإنما حملنا اللفظ على الكل لاشتراك القسمين في قدر مشترك قال أهل الإشارة وهذا يدل على أنه لا بدّ من التنبه لمسائل أحدها أن المرأة إذا حاضت فالله تعالى منعك عن مباشرتها قال الله تعالى قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النّسَاء فِي الْمَحِيضِ ( البقرة ٢٢٢ ) فإذا منعك عن مقاربتها لما عليها من النجاسة التي هي معذورة فيها فإذا كانت الأزواج اللواتي في الجنة مطهرات فلأن يمنعك عنهن حال كونك ملوثاً بنجاسات المعاصي مع أنك غير معذور فيها كان أولى وثانيها أن من قضى شهوته من الحلال فإنه يمنع الدخول في المسجد الذي يدخل فيه كل بر وفاجر فمن قضى شهوته من الحرام كيف يمكن من دخول الجنة التي لا يسكنها إلا المطهرون ولذلك فإن آدم لما أتى بالزلة أخرج منها وثالثها من كان على ثوبه ذرة من النجاسة لا تصح صلاته عند الشافعي رضي الله عنه فمن كان على قلبه من نجاسات المعاصي أعظم من الدنيا كيف تقبل صلاته وههنا سؤالان الأول هلا جاءت الصفة مجموعة كالموصوف الجواب هما لغتان فصيحتان يقال النساء فعلن والنساء فعلت ومنه بيت الحماسة فوإذا العذارى بالدخان تقنعت
واستعملت نصب القدور فملت


الصفحة التالية
Icon