بالقياس إلى أهل الضلال وأيضاً فإن القليل من المهديين كثير في الحقيقة وإن قلوا في الصورة فسموا بالكثير ذهاباً إلى الحقيقة
المسألة السابعة عشرة قال الفراء الفاسق أصله من قولهم فسقت الرطبة من قشرها أي خرجت فكأن الفاسق هو الخارج عن الطاعة وتسمى الفأرة فويسفة لخروجها لأجل المضرة واختلف أهل القبلة في أنه هل هو مؤمن أو كافر فعند أصحابنا أنه مؤمن وعند الخوارج أنه كافر وعند المعتزلة أنه لا مؤمن ولا كافر واحتج المخالف بقوله تعالى بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الاْيمَانِ ( الحجرات ١١ ) وقال إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( التوبة ١٧ ) وقال حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الاْيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِى قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ الحجرات ٧ ) وهذه المسألة طويلة مذكورة في علم الكلام
المسألة الثامنة عشرة اختلفوا في المراد من قوله تعالى الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وذكروا وجوهاً أحدها أن المراد بهذا الميثاق حججه القائمة على عباده الدالة لهم على صحة توحيده وصدق رسله فكان ذلك ميثاقاً وعهداً على التمسك بالتوحيد إذا كان يلزم بهذه الحجج ما ذكرنا من التمسك بالتوحيد وغيره ولذلك صح قوله وَأَوْفُواْ بِعَهْدِى أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ( البقرة ٤٠ ) وثانيها يحتمل أن يعني به ما دل عليه بقوله وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الاْمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً ( فاطر ٤٢ ) فلما لم يفعلوا ما حلفوا عليه وصفهم بنقض عهده وميثاقه والتأويل الأول يمكن فيه العموم في كل من ضل وكفر والثاني لا يمكن إلا فيمن اختص بهذا القسم إذا ثبت هذا ظهر رجحان التأويل الأول على الثاني من وجهين الأول أن على التقدير الأول يمكن إجراء الآية على عمومها وعلى الثاني يلزم التخصيص الثاني أن على التقدير الأول يلزمهم الذم لأنهم نقضوا عهداً أبرمه الله وأحكمه بما أنزل من الأدلة التي كررها عليهم في الأنفس والآفاق وأوضحها وأزال التلبيس عنها ولما أودع في العقول من دلائلها وبعث الأنبياء وأنزل الكتب مؤكداً لها وأما على التقدير الثاني فإنه يلزمهم الذم لأجل أنهم تركوا شيئاً هم بأنفسهم التزموه ومعلوم أن ترتيب الذم على الوجه الأول أولى وثالثها قال القفال يحتمل أن يكون المقصود بالآية قوماً من أهل الكتاب قد أخذ عليهم العهد والميثاق في الكتب المنزلة على أنبيائهم بتصديق محمد ( ﷺ ) وبين لهم أمره وأمر أمته فنقضوا ذلك وأعرضوا عنه وجحدوا نبوته ورابعاً قال بعضهم إنه عنى به ميثاقاً أخذه من الناس وهم على صورة الذر وأخرجهم من صلب آدم كذلك وهو معنى قوله تعالى وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبّكُمْ قَالُواْ بَلَى ( الأعراف ١٧٢ ) قال المتكلمون هذا ساقط لأنه تعالى لا يحتج على العباد بعهد وميثاق لا يشعرون به كما لا يؤاخذهم بما ذهب علمه عن قلبهم بالسهو والنسيان فكيف يجوز أن يعيبهم بذلك وخامسها عهد الله إلى خلقه ثلاثة عهود العهد الأول الذي أخذه على جميع ذرية آدم وهو الإقرار


الصفحة التالية
Icon