واحد كالخسران والخسارة واحد والدليل عليه قوله فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءانَهُ ( القيامة ١٨ ) أي تلاوته أي إذا تلوناه عليك فاتبع تلاوته الثاني وهو قول قتادة أنه مصدر من قول القائل قرأت الماء في الحوض إذا جمعته وقال سفيان بن عيينة سمي القرآن قرآناً لأن الحروف جمعت فصارت كلمات والكلمات جمعت فصارت آيات والآيات جمعت فصارت سوراً والسور جمعت فصارت قرآناً ثم جمع فيه علوم الأولين والآخرين فالحاصل أن اشتقاق لفظ القرآن إما من التلاوة أو من الجمعية
معنى الفرقان
وثالثها الفرقان تَبَارَكَ الَّذِى نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ( الفرقان ١ ) وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ( البقرة ١٨٥ ) واختلفوا في تفسيره فقيل سمي بذلك لأن نزوله كان متفرقاً أنزله في نيف وعشرين سنة ودليله قوله تعالى وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً ( الإسراء ١٠٦ ) ونزلت سائر الكتب جملة واحدة ووجه الحكمة فيه ذكرناه في سورة الفرقان في قوله تعالى وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْلاَ نُزّلَ عَلَيْهِ الْقُرْءانُ ( الفرقان ٣٢ ) وقيل وقال الذين كفروا سمي بذلك لأنه يفرق بين الحق والباطل والحلال والحرام والمجمل والمبين والمحكم والمؤول وقيل الفرقان هو النجاة وهو قول عكرمة والسدي وذلك لأن الخلق في ظلمات الضلالات فبالقرآن وجدوا النجاة وعليه حمل المفسرون قوله وَإِذَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَإِذْ ( البقرة ٥٣ )
معنى تسميته بالذكر
ورابعها الذكر والتذكرة والذكرى أما الذكر فقوله وَهَاذَا ذِكْرٌ مُّبَارَكٌ أَنزَلْنَاهُ ( الأنبياء ٥٠ ) إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذّكْرَ ( الحجر ٩ ) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ( الزخرف ٤٤ ) وفيه وجهان أحدهما أنه ذكر من الله تعالى ذكر به عباده فعرفهم تكاليفه وأوامره والثاني أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به وأنه شرف لمحمد ( ﷺ ) وأمته وأما التذكرة فقوله وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَة ٌ لّلْمُتَّقِينَ ( الحاقة ٤٨ ) وأما الذكرى فقوله تعالى وَذَكّرْ فَإِنَّ الذّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ ( الذاريات ٥٥ )
تسميته تنزيلاً وحديثاً
وخامسها التنزيل وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبّ الْعَالَمِينَ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ ( الشعراء ١٩٢ ١٩٣ )
وسادسها الحديث اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً ( الزمر ٢٣ ) سماه حديثاً لأن وصوله إليك حديث ولأنه تعالى شبهه بما يتحدث به فإن الله خاطب به المكلفين
وسابعها الموعظة تُرْجَعُونَ ياأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُمْ مَّوْعِظَة ٌ مّن رَّبّكُمْ ( يونس ٥٧ ) وهو في الحقيقة موعظة لأن القائل هو الله تعالى والآخذ جبريل والمستملي محمد ( ﷺ ) فكيف لا تقع به الموعظة
تسميته بالحكم والحكمة
وثامنها الحكم والحكمة والحكيم والمحكم أما الحكم فقوله وَكَذالِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيّا ( الرعد ٣٧ ) وأما الحكمة فقوله حِكْمَة ٌ بَالِغَة ٌ ( القمر ٥ ) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْ ءايَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَة ِ ( الأحزاب ٣٤ ) وأما الحكيم فقوله يس وَالْقُرْءانِ الْحَكِيمِ ( ي س ١ ٢ ) وأما المحكم فقوله كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَاتُهُ ( هود ١ )
معنى الحكمة
واختلفوا في معنى الحكمة فقال الخليل هو مأخوذ من الأحكام والإلزام وقال المؤرخ هو مأخوذ من حكمة اللجام لأنها تضبط الدابة والحكمة تمنع من السفه
وتاسعها الشفاء وَنُنَزّلُ مِنَ الْقُرْءانِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَة ٌ لّلْمُؤْمِنِينَ ( الإسراء ٨٢ ) وقوله وَشِفَاء لِمَا فِى الصُّدُورِ وفيه وجهان أحدهما أنه شفاء من الأمراض والثاني أنه شفاء من مرض


الصفحة التالية
Icon