موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع ) وروي أن بني آدم عشر الجن والجن وبنو آدم عشر حيوانات البر وهؤلاء كلهم عشر الطيور وهؤلاء كلهم عشر حيوانات البحر وهؤلاء كلهم عشر ملائكة الأرض الموكلين بها وكل هؤلاء عشر ملائكة سماء الدنيا وكل هؤلاء عشر ملائكة السماء الثالثة وعلى هذا الترتيب إلى ملائكة السماء السابعة ثم الكل في مقابلة ملائكة الكرسي نزر قليل ثم كل هؤلاء عشر ملائكة السرادق الواحد من سرادقات العرش التي عددها ستمائة ألف طول كل سرادق وعرضه وسمكه إذا قوبلت به السموات والأرضون وما فيها وما بينها فإنها كلها تكون شيئاً يسيراً وقدراً صغيراً وما من مقدار موضع قدم إلا وفيه ملك ساجد أو راكع أو قائم لهم زجل بالتسبيح والتقديس ثم كل هؤلاء في مقابلة الملائكة الذين يحومون حول العرش كالقطرة في البحر ولا يعلم عددهم إلا الله ثم مع هؤلاء ملائكة اللوح الذين هم أشياع إسرافيل عليه السلام والملائكة الذين هم جنود جبريل عليه السلام وهم كلهم سامعون مطيعون لا يفترون مشتغلون بعبادته سبحانه وتعالى رطاب الألسن بذكره وتعظيمه يتسابقون في ذلك مذ خلقهم لا يستكبرون عن عبادته آناء الليل والنهار ولا يسألمون لا يحصى أجناسهم ولا مدة أعمارهم ولا كيفية عبادتهم إلا الله تعالى وهذا تحقيق حقيقة ملكوته جل جلاله على ما قال وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبّكَ إِلاَّ هُوَ ( المدثر ٣١ ) وأقول رأيت في بعض كتب التذكير أنه عليه الصلاة والسلام حين عرج به رأى ملائكة في موضع بمنزلة سوق بعضهم يمشي تجاه بعض فسأل رسول الله ( ﷺ ) أيهم إلى أين يذهبون فقال جبريل عليه السلام لا أدري إلا أني أراهم مذ خلقت ولا أرى واحداً منهم قد رأيته قبل ذلك ثم سألوا واحداً منهم وقيل له مذ كم خلقت فقال لا أدري غير أن الله تعالى يخلق كوكباً في كل أربعمائة ألف سنة فخلق مثل ذلك الكوكب منذ خلقني أربعمائة ألف مرة فسبحانه من إله ما أعظم قدرته وما أجل كماله واعلم أن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن أصنافهم وأوصافهم أما الأصناف فأحدها حملة العرش وهو قوله وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَة ٌ ( الحاقة ١٧ ) وثانيها الحافون حول العرش على ما قال سبحانه وَتَرَى الْمَلَائِكَة َ حَافّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبّحُونَ بِحَمْدِ رَبّهِمْ ( الزمر ٧٥ ) وثالثها أكابر الملائكة فمنهم جبريل وميكائيل صلوات الله عليهما لقوله تعالى مَن كَانَ عَدُوّا لّلَّهِ وَمَلئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَافِرِينَ ( البقرة ٩٨ ) ثم إنه سبحانه وتعالى وصف جبريل عليه السلام بأمور الأول أنه صاحب الوحي إلى الأنبياء قال تعالى نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاْمِينُ عَلَى قَلْبِكَ ( الشعراء ١٩٣ ١٩٤ ) الثاني أنه تعالى ذكره قبل سائر الملائكة في القرآن قُلْ مَن كَانَ عَدُوّا لِّجِبْرِيلَ ( البقرة ٩٧ ) ولأن جبريل صاحب الوحي والعلم وميكائيل صاحب الأرزاق والأغذية والعلم الذي هو الغذاء الروحاني أشرف من الغذاء الجسماني فوجب أن يكون جبريل عليه السلام أشرف من ميكائيل الثالث أنه تعالى جعله ثاني نفسه فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ الرابع سماه روح القدس قال في حق عيسى عليه السلام إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ ( المائدة ١١٠ ) الخامس ينصر أولياء الله ويقهر أعداءه مع ألف من الملائكة مسومين السادس أنه تعالى مدحه بصفات ست في قوله إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ذِى قُوَّة ٍ عِندَ ذِى الْعَرْشِ مَكِينٍ مُّطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ ( التكوير ١٩ ٢٠ ) فرسالته أنه رسول الله ( ﷺ ) إلى جميع الأنبياء فجميع


الصفحة التالية
Icon