أيها العبد أنا الغني عن تسبيح هذه الأشياء وهذه الأشياء ليست من الأحياء فلا حاجة بها إلى ثواب هذا التسبيح فقد صار ثواب هذه التسبيحات ضائعاً وذلك لا يليق بي وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالاْرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ( ص ٢٧ ) لكني أوصل ثواب هذه الأشياء إليك ليعرف كل أحد أن من اجتهد في خدمتي أجعل كل العالم في خدمته والنكتة الأخرى أذكرني بالعبودية لتنتفع به لا أنا سُبْحَانَ رَبّكَ رَبّ الْعِزَّة ِ ( الصافات ١٨٠ ) فإنك إذا ذكرتني بالتسبيح طهرتك عن المعاصي وَسَبّحُوهُ بُكْرَة ً وَأَصِيلاً ( الأحزاب ٤٢ ) أقرضني وَأَقْرِضُواُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ( الحديد ١٨ ) وإن كنت أنا الغني حتى أرد الواحد عليك عشرة مَّن ذَا الَّذِى يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ ( البقرة ٢٤٥ ) كن معيناً لي وإن كنت غنياً عن إعانتك وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( الفتح ٤ ) وأيضاً فلا حاجة بي إلى العسكر وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ لكنك إذا نصرتني نصرتك إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ يَنصُرْكُمْ ( محمد ٧ ) كن مواظباً على ذكرى وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُوداتٍ ( البقرة ٢٠٣ ) ولا حاجة بي إلى ذكرك لأن الكل يذكروني وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ( لقمان ٢٥ ) لكنك إذا ذكرتني ذكرتك فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ ( البقرة ١٥٢ ) اخدمني قَدِيرٌ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ لا لأني أحتاج إلى خدمتك فإني أنا الملك وَللَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( آل عمران ١٨٩ ) وَللَّهِ يَسْجُدُ مَن فِى السَّمَاوَاتِ وَالاْرْضَ ( الرعد ١٥ ) ولكن انصرف إلى خدمتي هذه الأيام القليلة لتنال الراحات الكثيرة قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ ( الأنعام ٩١ )
المسألة الرابعة قوله بِحَمْدِكَ قال صاحب ( الكشاف ) بحمدك في موضع الحال أي نسبح لك حامدين لك ومتلبسين بحمدك وأما المعنى ففيه وجهان الأول أنا إذا سبحناك فنحمدك سبحانك يعني ليس تسبيحنا تسبيحاً من غير استحقاق بل تستحق بحمدك وجلالك هذا التسبيح الثاني أنا نسبحك بحمدك فإنه لولا إنعامك علينا بالتوفيق لم نتمكن من ذلك كما قال داود عليه السلام يا رب كيف أقدر أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكر نعمتك إلا بنعمتك إلا بنعمتك فأوحى الله تعالى إليه ( الآن قد شكرتني حيث عرفت أن كل ذلك مني ) واختلف العلماء في المراد من هذا التسبيح فروي أنا أبا ذر دخل بالغداة على رسول الله ( ﷺ ) أو بالعكس فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي أي الكلام أحب إلى الله قال ما اصطفاه الله لملائكته سبحان الله وبحمد رواه مسلم وروى سعيد بن جبير قال ( كان النبي ( ﷺ ) يصلي فمر رجل من المسلمين على رجل من المنافقين فقال له رسول الله يصلي وأنت جالس لا تصلي فقال له امضِ إلى عملك إن كان لك عمل فقال ما أظن إلا سيمر بك من ينكر عليك فمر عليه عمر بن الخطاب قال يا فلان إن رسول الله يصلي وأنت جالس فقال له مثلها فوثب عليه فضربه وقال هذا من عملي ثم دخل المسجد وصلى مع رسول الله ( ﷺ ) فلما فرغ رسول الله من صلاته قام إليه عمر فقال يا نبي الله مررت آنفاً على فلان وأنت تصلي وهو جالس فقلت له نبي الله يصلي وأنت جالس فقال لي مر إلى عملك فقال عليه الصلاة والسلام هلا ضربت عنقه فقام عمر مسرعاً ليلحقه فيقتله فقال له النبي ( ﷺ ) يا عمر إرجع فإن غضبك عز ورضاك حكم إن لله في السموات ملائكة له غنى بصلاتهم عن صلاة فلان فقال عمر يا رسول الله وما صلاتهم فلم يرد عليه شيئاً فأتاه جبريل فقال يا نبي الله سألك عمر عن صلاة أهل السماء قال نعم قال أقرئه مني السلام وأخبره بأن أهل سماء الدنيا سجود إلى يوم


الصفحة التالية
Icon