وَعَلَّمَ ءَادَمَ الأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَة ِ فَقَالَ أَنبِئُونِى بِأَسْمَآءِ هَاؤُلا ءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ
اعلم أن الملائكة لما سألوا عن وجه الحكمة في خلق آدم وذريته وإسكانه تعالى إياهم في الأرض وأخبر الله تعالى عن وجه الحكمة في ذلك على سبيل الأجمال بقوله تعالى إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ أراد تعالى أن يزيدهم بياناً وأن يفصل لهم ذلك المجمل فبين تعالى لهم من فضل آدم عليه السلام ما لم يكن من ذلك معلوماً لهم وذلك بأن علم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم عليهم ليظهر بذلك كمال فضله وقصورهم عنه في العلم فيتأكد ذلك الجواب الإجمالي بهذا الجواب التفصيلي وههنا مسائل
المسألة الأولى قال الأشعري والجبائي والكعبي اللغات كلها توقيفية بمعنى أن الله تعالى خلق علماً ضرورياً بتلك الألفاظ وتلك المعاني وبأن تلك الألفاظ موضوعة لتلك المعاني واحتجوا عليه بقوله تعالى وَعَلَّمَ ءادَمَ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْواجٌ مُّطَهَّرَة ٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْى ِ أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَة ً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ ءامَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَاذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَ الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الاْرْضِ أُولَائِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْواتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ هُوَ الَّذِى خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الاْرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلّ شَى ْء عَلِيمٌ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَة ِ إِنّي جَاعِلٌ فِى الارْضِ خَلِيفَة ً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدّسُ لَكَ قَالَ إِنّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ وَعَلَّمَ ءادَمَ الاسْمَاء كُلَّهَا يقتضي إضافة التعليم إلى الأسماء وذلك يقتضي في تلك الأسماء أنها كانت أسماء قبل ذلك التعليم وإذا كان كذلك كانت اللغات حاصلة قبل ذلك التعليم ورابعها أن آدم عليه السلام لما تحدى الملائكة بعلم الأسماء فلا بدّ وأن تعلم الملائكة كونه صادقاً في تعيين تلك الأسماء لتلك المسميات وإلا لم يحصل العلم بصدقه وذلك يقتضي أن يكون وضع تلك الأسماء لتلك المسميات متقدماً على ذلك التعليم والجواب عن الأول لم لا يجوز أن يقال بخلق العلم الضروري بأن واضعاً وضع هذه الأسماء لهذه المسميات من غير تعيين أن ذلك الواضع هو الله تعالى أو الناس وعلى هذا لا يلزم أن تصير الصفة معلومة بالضرورة حال كون الذات معلومة بالدليل سلمنا أنه تعالى ما خلق هذا العلم في العاقل فلم لا يجوز أن


الصفحة التالية
Icon