في كتابه فرق بين الخبيث والطيب فقال قُل لاَّ يَسْتَوِى الْخَبِيثُ وَالطَّيّبُ ( المائدة ١٠٠ ) يعني الحلال والحرام وفرق بين الأعمى والبصير فقال قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الاْعْمَى وَالْبَصِيرُ ( الأنعام ٥٠ ) وفرق بين النور والظلمة فقال أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ ( الرعد ١٦ ) وفرق بين الجنة والنار وبين الظل والحرور وإذا تأملت وجدت كل ذلك مأخوذاً من الفرق بين العالم والجاهل الثالث قوله أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ ( النساء ٥٩ ) والمراد من أولى الأمر العلماء في أصح الأقوال لأن الملوك يجب عليهم طاعة العلماء ولا ينعكس ثم انظر إلى هذه المرتبة فإنه تعالى ذكر العالم في موضعين من كتابه في المرتبة الثانية قال شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ هُوَ وَالْمَلَائِكَة ُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ ( آل عمران ١٨ ) وقال أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِى الاْمْرِ مِنْكُمْ ثم إنه سبحانه وتعالى زاد في الإكرام فجعلهم في المرتبة الأولى في آيتين فقال تعالى وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ( آل عمران ٧ ) وقال قُلْ كَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ( الرعد ٤٣ ) الرابع يَرْفَعُ لِلَّهِ الَّذِينَ ءامَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ فِى ( المجادلة ١١ ) واعلم أنه تعالى ذكر الدرجات لأربعة أصناف وألها للمؤمنين من أهل بدر قال إِنَّمَا الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ( الأنفال ٢ ) إلى قوله لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبّهِمْ ( الأنفال ٤ )
والثانية للمجاهدين قال وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ ( النساء ٩٥ ) والثالثة للصالحين قال وَمَن يَأْتِهِ مُؤْمِناً وَقَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى الرابعة للعلماء قال وَالَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ والله فضل أهل بدر على غيرهم من المؤمنين بدرجات وفضل المجاهدين على القاعدين بدرجات وفضل الصالحين على هؤلاء بدرجات ثم فضل العلماء على جميع الأصناف بدرجات فوجب أن يكون العلماء أفضل الناس الخامس قوله تعالى إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء ( فاطر ٢٨ ) فإن الله تعالى وصف العلماء في كتابه بخمس مناقب أحدها الإيمان وَالرسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءامَنَّا بِهِ ( آل عمران ٧ ) وثانيها التوحيد والشهادة شَهِدَ اللَّهُ إلى قوله وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ وثالثها البكاء وَيَخِرُّونَ لِلاْذْقَانِ يَبْكُونَ ( الإسراء ١٠٩ ) ورابعها الخشوع إن الذين أوتوا العلم من قبله ( الإسراء ١٠٧ ) الآية وخامسها الخشية ( الإسراء ١٠٧ ) الآية وخامسها الخشية إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء أما الأخبار فوجوه أحدها روى ثابت عن أنس قال قال رسول الله ( ﷺ ) ( من أحب أن ينظر إلى عتقاء الله من النار فلينظر إلى المتعلمين فوالذي نفسي بيده ما من متعلم يختلف إلى باب عالم إلا كتب الله له بكل قدم عبادة سنّة وبنى له بكل قدم مدينة في الجنة ويمشي على الأرض والأرض تستغفر له ويمسي ويصبح مغفوراً له وشهدت الملائكة لهم بأنهم عتقاء الله من النار ) وثانيها عن أنس قال قال عليه السلام ( من طلب العلم لغير الله لم يخرج من الدنيا حتى يأتي عليه العلم فيكون لله ومن طلب العلم لله فهو كالصائم نهاره وكالقائم ليله وإن باباً من العلم يتعلمه الرجل خير من


الصفحة التالية
Icon