يكون مفلحاً وذلك يوجب القطع على وعيد تارك الصلاة والزكاة الثاني أن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بكون ذلك الوصف علة لذلك الحكم فيلزم أن تكون علة الفلاح هي فعل الإيمان والصلاة والزكاة فمن أخل بهذه الأشياء لم يحصل له علة الفلاح فوجب أن لا يحصل الفلاح أما المرجئة فقد احتجوا بأن الله حكم بالفلاح على الموصوفين بالصفات المذكروة في هذه الآية فوجب أن يكون الموصوف بهذه الأشياء مفلحاً وإن زنى وسرق وشرب الخمر وإذا ثبت في هذه الطائفة تحقق العفو ثبت في غيرهم ضرورة إذ لا قائل بالفرق والجواب أن كل واحد من الاحتجاجين معارض بالآخر فيتساقطان ثم الجواب عن قول الوعيدية أن قوله وَأُوْلَائِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ يدل على أنهم الكاملون في الفلاح فيلزم أن يكون صاحب الكبيرة غير كامل في الفلاح ونحن نقول بموجب فإنه كيف يكون كاملاً في الفلاح وهو غير جازم بالخلاص من العذاب بل يجوز له أن يكون خائفاً منه وعن الثاني أن نفي السبب الواحد لا يقتضي نفي المسبب فعندنا من أسباب الفلاح عفو الله تعالى والجواب عن قول المرجئة أن وصفهم بالتقوى يكفي في نيل الثواب لأنه يتضمن إتقاء المعاصي وإتقاء ترك الواجبات والله أعلم
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَوَآءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ
اعلم أن في الآية مسائل نحوية ومسائل أصولية ونحن نأتي عليها إن شاء الله تعالى أما قوله ءانٍ ففيه مسائل
المسألة الأولى اعلم أن ءانٍ حرف والحرف لا أصل له في العمل لكن هذا الحرف أشبه الفعل صورة ومعنى وتلك المشابهة تقتضي كونها عاملة وفيه مقدمات المقدمة الأولى في بيان المشابهة واعلم أن هذه المشابهة حاصلة في اللفظ والمعنى أما في اللفظ فلأنها تركبت من ثلاثة أحرف وانفتح آخرها ولزمت الأسماء كالأفعال ويدخلها نون الوقاية نحو إنني وكأنني كما يدخل على الفعل نحو أعطاني وأكرمني وأما المعنى فلأنها تفيد حصول معنى في الاسم وهو تأكد موصوفيته بالخبر كما أنك إذا قلت قام زيد فقولك قام أفاد حصول معنى في الاسم المقدمة الثانية أنها لما أشبهت الأفعال وجب أن تشبهها في العمل وذلك ظاهر بناءً على الدوران المقدمة الثالثة في أنها لم نصبت الاسم ورفعت الخبر وتقريره أن يقال إنها لما صارت عاملة فأما أن ترفع المبتدأ والخبر معاً أو تنصبهما معاً أو ترفع المبتدأ وتنصب الخبر وبالعكس والأول باطل لأن المبتدأ والخبر كانا قبل دخول ءانٍ عليهما مرفوعين فلو بقيا كذلك بعد دخولها عليهما لما ظهر له أثر البتة ولأنها أعطيت عمل الفعل والفعل لا يرفع الإسمين فلا معنى للاشتراك والفزع لا يكون أقوى من الأصل والقسم الثاني أيضاً باطل لأن هذا أيضاً مخالف لعمل الفعل لأن الفعل لا ينصب شيئاً مع خلوه عما يرفعه والقسم الثالث أيضاً باطل لأنه يؤدي إلى التسوية بين الأصل والفرع فإن الفعل يكون عمله في الفاعل أولاً بالرفع ثم في المفعول بالنصب فلو جعل الحرف ههنا كذلك لحصلت التسوية بين الأصل والفرع ولما بطلت الأقسام الثلاثة تعين القسم الرابع وهو أنها تنصب الاسم وترفع


الصفحة التالية
Icon