لبعض أنؤمن كما آمن سفيه بني فلان وسفيه بني فلان والرسول لا يعرف ذلك فقال تعالى أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاء
المسألة الرابعة السفه الخفة يقال سفهت الريح الشيء إذا حركته قال ذو الرمة فجرين كما اهتزت رياح تسفهت
أعاليها مر الرياح الرواسم
وقال أبو تمام الطائي فسفيه الرمح جاهله إذا ما
بدا فضل السفيه على الحليم
أراد به سريع الطعن بالرمح خفيفه وإنما قيل لبذيء اللسان سفيه لأنه خفيف لا رزانة له وقال تعالى وَلاَ تُؤْتُواْ السُّفَهَاء أَمْوالَكُمُ الَّتِى جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَاماً ( النساء ٥ ) وقال عليه السلام ( شارب الخمر سفيه ) لقلة عقله وإنما سمي المنافقون المسلمين بالسفهاء لأن المنافقين كانوا من أهل الخطر والرياسة وأكثر المؤمنين كانوا فقراء وكان عند المنافقين أن دين محمد ( ﷺ ) باطل والباطل لا يقبله إلا السفيه فلهذه الأسباب نسبوهم إلى السفاهة ثم إن الله تعالى قلب عليهم هذا اللقب وقوله الحق لوجوه أحدها أن من أعرض عن الدليل ثم نسب المتمسك به إلى السفاهة فهو السفيه وثانيها أن من باع آخرته بدنياه فهو السفيه وثالثها أن من عادى محمداً عليه الصلاة والسلام فقد عادى الله وذلك هو السفيه
المسألة الخامسة إنما قال في آخر هذه الآية لاَّ يَعْلَمُونَ وفيما قبلها لاَّ يَشْعُرُونَ لوجهين الأول أن الوقوف على أن المؤمنين على الحق وهم على الباطل أمر عقلي نظري وأما أن النفاق وما فيه من البغي يفضي إلى الفساد في الأرض فضروري جار مجرى المحسوس الثاني أنه ذكر السفه وهو جهل فكان ذكر العلم أحسن طباقاً له والله أعلم
وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ ءَامَنُواْ قَالُو ا ءَامَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ اللَّهُ يَسْتَهْزِى ءُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ
هذا هو النوع الرابع من أفعالهم القبيحة يقال لقيته ولاقيته إذا استقبلته قريباً منه وقرأ أبو حنيفة ( وإذا لاقوا ) أما قوله قَالُواْ ءامَنَّا فالمراد أخلصنا بالقلب والدليل عليه وجهان الأول أن الإقرار باللسان كان معلوماً منهم فما كانوا يحتاجون إلى بيانه إنما المشكوك فيه هو الإخلاص بالقلب فيجب أن يكون مرادهم من هذا الكلام ذلك الثاني أن قولهم للمؤمنين ( آمنا ) يجب أن يحمل على نقيض ما كانوا يظهرونه لشياطينهم وإذا كانوا يظهرون لهم التكذيب بالقلب فيجب أن يكون مرادهم فيما ذكروه للمؤمنين


الصفحة التالية
Icon