النار أما لما شاهدهما في الدنيا في ليلة المعراج فحينئذ لا يعظم وقعهما في قلبه يوم القيامة فلا يبقى مشغول القلب بهما وحينئذ يتفرغ للشفاعة الثاني لا يمتنع أن تكون مشاهدته ليلة المعراج للأنبياء والملائكة صارت سبباً لتكامل مصلحته أو مصلحتهم الثالث أنه لا يبعد أنه إذا صعد الفلك وشاهد أحوال السموات والكرسي والعرش صارت مشاهدة أحوال هذا العالم وأهواله حقيرة في عينه فتحصل له زيادة قوة في القلب باعتبارها يكون في شروعه في الدعوة إلى الله تعالى أكمل وقلة التفاته إلى أعداء الله تعالى أقوى يبين ذلك أن من عاين قدرة الله تعالى في هذا الباب لا يكون حاله في قوة النفس وثبات القلب على احتمال المكاره في الجهاد وغيره إلا أضعاف ما يكون عليه حال من لم يعاين
واعلم أن قوله لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَاتِنَا كالدلالة على أن فائدة ذلك الإسراءة مختصة به وعائدة إلى على بسل التعيين
والجواب عن الشبهة الثالثة أنا عند الانتهاء إلى تفسير تلك الآية في هذه السورة نبين أن تلك الرؤيا رؤيا عيان لا رؤيا منام
والجواب عن الشبهة الرابعة لا اعتراض على الله تعالى في أفعاله فهو يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد والله أعلم
المسألة الرابعة أما العروج إلى السموات وإلى ما فوق العرش فهذه الآية لا تدل عليه ومنهم من استدل عليه بأول سورة والنجم ومنهم من استدل عليه بقوله تعالى لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبقٍ ( الإنشقاق ١٩ ) وتفسيرهما مذكور في موضعه وأما دلالة الحديث فكما سلف والله أعلم
وَءَاتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِى إِسْرَاءِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُواْ مِن دُونِى وَكِيلاً ذُرِّيَّة َ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا
في الآية مسائل
المسألة الأولى اعلم أن الكلام في الآية التي قبل هذه الآية وفيها انتقل من الغيبة إلى الخطاب ومن الخطاب إلى الغيبة لأن قوله سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى فيه ذكر الله على سبيل الغيبة وقوله بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ ءايَاتِنَا فيه ثلاثة ألفاظ دالة على الحضور وقوله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ يدل على الغيبة وقوله وَءاتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ الخ يدل على الحضور وانتقال الكلام من الغيبة إلى الحضور وبالعكس يسمى صنعة الالتفات
المسألة الثانية ذكر الله تعالى في الآية الأولى إكرامه محمداً ( ﷺ ) بأن أسرى به وذكر في هذه الآية أنه أكرم موسى عليه الصلاة والسلام قبله بالكتاب الذي آتاه فقال وَءاتَيْنَآ مُوسَى الْكِتَابَ يعني التوراة وَجَعَلْنَاهُ هُدًى


الصفحة التالية
Icon