معترفين بأن الملائكة عباد الله ومحتاجون إليه وأما الثاني فهو يوجب القول بكون الملائكة محتاجين في ذواتها وفي كمالاتها إلى الله تعالى فكان الاشتغال بعبادة الله أولى من الاشتغال بعبادة الملائكة
والقول الثاني أن قوله أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ هم الأنبياء الذين ذكرهم الله تعالى بقوله وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيّينَ عَلَى بَعْضٍ ( الإسراء ٥٥ ) وتعلق هذا الكلام بما سبق هو أن الذين عظمت منزلتهم وهم الأنبياء لا يعبدون إلا الله تعالى ولا يبتغون الوسيلة إلا إليه فأنتم بالاقتداء بهم حق فلا تعبدوا غبر الله تعالى واحتج القائلون بهذا القول على صحته بأن قالوا الملائكة لا يعصون الله فلا يخافون عذابه فثبت أن هذا غير لائق بالملائكة وإنما هو لائق بالأنبياء
قلنا الملائكة يخافون عذاب الله لو أقدموا على الذنب والدليل عليه قوله تعالى وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنّى إِلَاهٌ مّن دُونِهِ فَذالِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ ( الأنبياء ٢٩ )
أما قوله إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا فالمراد أن من حقه أن يحذر فإن لم يحذره بعض الناس لجهله فهو لا يخرج من كونه بحيث يجب الحذر عنه
وَإِن مِّن قَرْيَة ٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَة ِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذالِك فِى الْكِتَابِ مَسْطُورًا
واعلم أنه تعالى لما قال إِنَّ عَذَابَ رَبّكَ كَانَ مَحْذُورًا ( الإسراء ٥٧ ) بين أن كل قرية مع أهلها فلا بد وأن يرجع حالها إلى أحد أمرين إما الإهلاك وإما التعذيب قال مقاتل أما الصالحة فبالموت وأما الطالحة فبالعذاب وقيل المراد من قوله وَإِن مّن قَرْيَة ٍ قرى الكفار ولا بد أن تكون عاقبتها أحد أمرين إما الاستئصال بالكلية وهو المراد من الإهلاك أو بعذاب شديد دون ذلك من قتل كبرائهم وتسليط المسلمين عليهم بالسبي واغتنام الأموال وأخذ الجزية ثم بين تعالى أن هذا الحكم حكم مجزوم به واقع فقال كَانَ ذالِك فِى الْكِتَابِ مَسْطُورًا ومعناه ظاهر
وَمَا مَنَعَنَآ أَن نُّرْسِلَ بِالاٌّ يَاتِ إِلاَّ أَن كَذَّبَ بِهَا الاٌّ وَّلُونَ وَءَاتَيْنَا ثَمُودَ النَّاقَة َ مُبْصِرَة ً فَظَلَمُواْ بِهَا وَمَا نُرْسِلُ بِالاٌّ يَاتِ إِلاَّ تَخْوِيفًا وَإِذْ قُلْنَا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحَاطَ بِالنَّاسِ وَمَا جَعَلْنَا الرُّءْيَا الَّتِى أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَة ً لِّلنَّاسِ وَالشَّجَرَة َ الْمَلْعُونَة َ فِى القُرْءَانِ وَنُخَوِّفُهُمْ فَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ طُغْيَانًا كَبِيرًا