قوله وَاتَيْنَاهُ مِن كُلّ شَى ْء سَبَباً هو أنه تعالى آتاه في النبوة سبباً الثالث قوله تعالى قُلْنَا ياذَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً والذي يتكلم الله معه لا بد وأن يكون نبياً ومنهم من قال إنه كان عبداً صالحاً وما كان نبياً
المسألة الرابعة في دخول السين في قوله سَأَتْلُواْ معناه إني سأفعل هذا إن وفقني الله تعالى عليه وأنزل فيه وحياً وأخبرني عن كيفية تلك الحال وأما قوله تعالى إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِى الاْرْضِ فهذا التمكين يحتمل أن يكون المراد منه التمكين بسبب النبوة ويحتمل أن يكون المراد منه التمكين بسبب الملك من حيث إنه ملك مشارق الأرض ومغاربها والأول أولى لأن التمكين بسبب النبوة أعلى من التمكين بسبب الملك وحمل كلام الله على الوجه الأكمل الأفضل أولى ثم قال وَاتَيْنَاهُ مِن كُلّ شَى ْء سَبَباً قالوا السبب في أصل اللغة عبارة عن الحبل ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى المقصود وهو يتناول العلم والقدرة والآلة فقوله وَاتَيْنَاهُ مِن كُلّ شَى ْء سَبَباً معناه أعطيناه من كل شيء من الأمور التي يتوصل بها إلى تحصيل ذلك الشيء ثم إن الذين قالوا إنه كان نبياً قالوا من جملة الأشياء النبوة فهذه الآية تدل على أنه تعالى أعطاه الطريق الذي به يتوصل إلى تحصيل النبوة والذين أنكروا كونه نبياً قالوا المراد به وآتيناه من كل شيء يحتاج إليه في إصلاح ملكه سبباً إلا أن لقائل أن يقول إن تخصيص العموم خلاف الظاهر فلا يصار إليه إلا بدليل ثم قال فَأَتْبَعَ سَبَباً ومعناه أنه تعالى لما أعطاه من كل شيء سببه فإذا أراد شيئاً أتبع سبباً يوصله إليه ويقربه منه قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو فاتبع بتشديد التاء وكذلك ثم اتبع أي سلك وسار والباقون فأتبع بقطع الألف وسكون التاء مخففة
حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَة ٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْماً قُلْنَا ياذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَاباً نُّكْراً وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُ جَزَآءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْراً ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً
اعلم أن المعنى أنه أراد بلوغ المغرب فأتبع سبباً يوصله إليه حتى بلغه أما قوله وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَة ٍ ففيه مباحث
الأول قرأ ابن عامر وحمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم في عين حامية بالألف من غير همزة أي حارة وعن أبي ذر قال كنت رديف رسول الله ( ﷺ ) على جمل فرأى الشمس حين غابت فقال أتدري يا أبا ذر أين تغرب هذه قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تغرب في عين حامية وهي قراءة ابن مسعود وطلحة


الصفحة التالية
Icon