ماج بعضهم في بعض خلفه لما منعوا من الخروج الثاني أن عند الخروج يموج بعضهم في بعض قيل إنهم حين يخرجون من وراء السد يموجون مزدحمين في البلاد يأتون البحر فيشربون ماءه ويأكلون دوابه ثم يأكلون الشجر ويأكلون لحوم الناس ولا يقدرون أن يأتوا مكة والمدينة وبيت المقدس ثم يبعث الله عليهم حيوانات فتدخل آذانهم فيموتون والقول الثالث أن المراد من قوله يَوْمَئِذٍ يوم القيامة وكل ذلك محتمل إلا أن الأقرب أن المراد الوقت الذي جعل الله ذلك السد دكاً فعنده ماج بعضهم في بعض وبعده نفخ في الصور وصار ذلك من آيات القيامة والكلام في الصور قد تقدم وسيجيء من بعد وأما عرض جهنم وإبرازه حتى يصير مكشوفاً بأهواله فذلك يجري مجرى عقاب الكفار لما يتداخلهم من الغم العظيم وبين تعالى أنه يكشفه للكافرين الذين عموا وصموا أما العمى فهو المراد من قوله كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِى غِطَاء عَن ذِكْرِى والمراد منه شدة انصرافهم عن قبول الحق وأما الصمم فهو المراد من قوله وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً يعني أن حالتهم أعظم من الصمم لأن الأصم قد يستطيع السمع إذا صيح به وهؤلاء زالت عنهم تلك الاستطاعة واحتج الأصحاب بقوله وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً على أن الاستطاعة مع الفعل وذلك لأنهم لما لم يسمعوا لم يستطيعوا قال القاضي المراد منه نفرتهم عن سماع ذلك الكلام واستثقالهم إياه كقول الرجل لا أستطيع النظر إلى فلان
أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِى أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالاٌّ خْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى الْحَيَواة ِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا أُوْلَائِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِأايَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلاَ نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَة ِ وَزْناً ذَلِكَ جَزَآؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُواْ وَاتَّخَذُوا ءَايَاتِى وَرُسُلِى هُزُواً
وفيه مسائل
المسألة الأولى اعلم أنه تعالى لما بين من حال الكافرين أنهم أعرضوا عن الذكر وعن استماع ما جاء به الرسول أتبعه بقوله أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِى أَوْلِيَاء والمراد أفظنوا أنهم ينتفعون بما عبدوه مع إعراضهم عن تدبر الآيات وتمردهم عن قبول أمره وأمر رسوله وهو استفهام على سبيل التوبيخ
المسألة الثانية قرأ أبو بكر ولم يرفعه إلى عاصم أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ بسكون السين ورفع الباء وهي من الأحرف التي خالف فيها عاصماً وذكر أنه قراءة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وعلى هذا التقدير فقوله حسب مبتدأ أن يتخذوا خبر والمعنى أفكافيهم وحسبهم أن يتخذوا كذا وكذا وأما الباقون


الصفحة التالية
Icon