رسولاً نبياً ولا شك أنهما وصفان مختلفان لكن المعتزلة زعموا كونهما متلازمين فكل رسول نبي وكل نبي رسول ومن الناس من أنكر ذلك وقد بينا الكلام فيه في سورة الحج في قوله تعالى وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِى ّ ( الحج ٥٢ ) وثالثها قوله تعالى وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الاْيْمَنِ من اليمين أي من ناحية اليمين والأيمن صفة الطور أو الجانب ورابعها قوله وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً ولما ذكر كونه رسولاً قال وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً وفي قوله قربناه قولان أحدهما المراد قرب المكان عن أبي العالية قربه حتى سمع صرير القلم حيث كتبت التوراة في الألواح والثاني قرب المنزلة أي رفعنا قدره وشرفناه بالمناجاة قال القاضي وهذا أقرب لأن استعمال القرب في الله قد صار بالتعارف لا يراد به إلا المنزلة وعلى هذا الوجه يقال في العبادة تقرب ويقال في الملائكة عليهم السلام إنهم مقربون وأما وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيّاً فقيل فيه أنجيناه من أعدائه وقيل هو من المناجاة في المخاطبة وهو أولى وخامسها قوله وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيّاً قال ابن عباس رضي الله عنهما كان هرون عليه السلام أكبر من موسى عليهما السلام وإنما وهب الله له نبوته لا شخصه وأخوته وذلك إجابة لدعائه في قوله وَاجْعَل لّى وَزِيراً مّنْ أَهْلِى هَارُونَ أَخِى اشْدُدْ بِهِ أَزْرِى ( طه ٢٩ ٣٠ ٣١ ) فأجابه الله تعالى إليه بقوله قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يامُوسَى مُوسَى ( طه ٣٦ ) وقوله سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ
( القصة الخامسة قصة إسمعيل عليه السلام )
وَاذْكُرْ فِى الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَواة ِ وَالزَّكَواة ِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً
اعلم أن إسمعيل هذا هو إسمعيل بن إبراهيم عليهما السلام واعلم أن الله تعالى وصف إسماعيل عليه السلام بأشياء أولها قوله إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وهذا الوعد يمكن أن يكون المراد فيما بينه وبين الله تعالى ويمكن أن يكون المراد فيما بينه وبين الناس أما الأول فهو أن يكون المراد أنه كان لا يخالف شيئاً مما يؤمر به من طاعة ربه وذلك لأن الله تعالى إذا أرسل الملك إلى الأنبياء وأمرهم بتأدية الشرع فلا بد من ظهور وعد منهم يقتضي القيام بذلك ويدل على القيام بسائر ما يخصه من العبادة وأما الثاني فهو أنه عليه السلام كان إذا وعد الناس بشيء أنجز وعده فالله تعالى وصفه بهذا الخلق الشريف وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه وعد صاحباً له أن ينتظره في مكان فانتظره سنة وأيضاً وعد من نفسه الصبر على الذبح فوفى به حيث قال سَتَجِدُنِى إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ( الصافات ١٠٢ ) ويروى أن عيسى عليه السلام قال له رجل انتظرني حتى آتيك فقال عيسى عليه السلام نعم وانطلق الرجل ونسي الميعاد فجاء لحاجة إلى ذلك المكان وعيسى عليه السلام هنالك للميعاد وعن رسول الله ( ﷺ ) ( أنه واعد رجلاً ونسي ذلك الرجل فانتظره من الضحى إلى قريب من غروب الشمس ) وسئل الشعبي عن الرجل يعد ميعاداً إلى أي وقت ينتظره فقال إن