ومعنى عليهم أي على عبادة الآلهة ومعنى الكلام أن عدم البينة بعدم الدلائل على ذلك لا يدل على عدم المدلول ومن الناس من يحتج بعدم الدليل على عدم المدلول ويستدل على صحة هذه الطريقة بهذه الآية فقال إنه تعالى استدل على عدم الشركاء والأضداد بعدم الدليل عليها فثبت أن الاستدلال بعدم الدليل على عدم المدلول طريقة قوية ثم قال فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا يعني أن الحكم بثبوت الشيء مع عدم الدليل عليه ظلم وافتراء على الله وكذب عليه وهذا من أعظم الدلائل على فساد القول بالتقليد
وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إَلاَّ اللَّهَ فَأْوُواْ إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّى ءْ لَكُمْ مِّنْ أَمْرِكُمْ مِّرْفَقًا وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ وَهُمْ فِى فَجْوَة ٍ مِّنْهُ ذالِكَ مِنْ ءَايَاتِ اللَّهِ مَن يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ وَمَن يُضْلِلْ فَلَن تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا
اعلم أن المراد أنه قال بعضهم لبعض وَإِذَا اعْتَزَلْتُمُوهُمْ واعتزلتم الشيء الذي يعبدونه إلا الله فإنكم لم تعتزلوا عبادة الله فَأْوُواْ إِلَى الْكَهْفِ قال الفراء هو جواب إذ كما تقول إذ فعلت كذا فافعل كذا ومعناه إذهبوا إليه واجعلوه مأواكم يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُم مّن رَّحْمَتِهِ أي يبسطها عليكم وَيُهَيّىء لَكُمْ مّنْ أَمْرِكُمْ مّرْفَقًا قرأن افع وابن عامر وعاصم في رواية مرفقاً بفتح الميم وكسر الفاء والباقون مرفقاً بكسر الميم وفتح الفاء قال الفراء وهما لغتان واشتقاقهما من الإرتفاق وكان الكسائي ينكر في مرفق الإنسان الذي في اليد إلا كسر الميم وفتح الفاء والفراء يجيزه في الأمر وفي اليد وقيل هما لغتان إلا أن الفتح أقيس والكسر أكثر وقيل المرفق ما ارتفقت به والمرفق بالفتح المرافق ثم قال تعالى وَتَرَى الشَّمْسَ إِذَا طَلَعَت تَّزَاوَرُ عَن كَهْفِهِمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَإِذَا غَرَبَت تَّقْرِضُهُمْ ذَاتَ الشّمَالِ وفيه مباحث
البحث الأول قرأ ابن عامر تَزْوَرُّ ساكنة الزاي المعجمة مشددة الراء مثل تحمر وقرأ عاصم وحمزة والكسائي تزاور بالألف والتخفيف والباقون تزاور بالتشديد والألف والكل بمعنى واحد والتزاور هو الميل والانحراف ومنه زاره إذا مال إليه والزور الميل عن الصدق وأما التشديد فأصله تتزاور سكنت التاء الثانية وأدغمت في الزاي وأما التخفيف فهو تفاعل من الزور وأما تزور فهو من الإزورار
البحث الثاني قوله وَتَرَى الشَّمْسَ أي أنت أيها المخاطب ترى الشمس عند طلوعها تميل عن كهفهم وليس المراد أن من خوطب بهذا يرى هذا المعنى ولكن العادة في المخاطبة تكون على هذا النحو ومعناه أنك لو رأيته على هذه الصورة
البحث الثالث قوله ذَاتَ الْيَمِينِ أي جهة اليمين وأصله أن ذات صفة أقيمت مقام الموصوف لأنها


الصفحة التالية
Icon