قالوا لأن قوله رَجْماً بِالْغَيْبِ وضع الرجم فيه موضع الظن فكأنه قيل ظناً بالغيب لأنهم أكثروا أن يقولوا رجم بالظن مكان قولهم ظن حتى لم يبق عندهم فرق بين العبارتين ألا ترى إلى قوله
وما هو عنها بالحديث المرجم
أي المظنون هكذا قاله صاحب الكشاف وذلك يدل على أن القول بالظن مذموم عند الله ثم إنه تعالى لما ذم هذه الطريقة رتب عليه من استفتاء هؤلاء الظانين فدل ذلك على أن الفتوى بالمظنون غير جائز عند الله وجواب مثبتي القياس عنه قد ذكرناه مراراً
وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَى ْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذالِكَ غَداً إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَى أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لاًّقْرَبَ مِنْ هَاذَا رَشَدًا وَلَبِثُواْ فِى كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَة ٍ سِنِينَ وَازْدَادُواْ تِسْعًا قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُواْ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ والأرض أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَلِى ٍّ وَلاَ يُشْرِكُ فِى حُكْمِهِ أَحَدًا
اعلم أن في الآية مسائل
المسألة الأولى قال المفسرون إن القوم لما سألوا النبي ( ﷺ ) عن المسائل الثلاثة قال عليه السلام أجيبكم عنها غداً ولم يقل إن شاء الله فاحتبس الوحي خمسة عشر يوماً وفي رواية أخرى أربعين يوماً ثم نزلت هذه الآية اعترض القاضي على هذا الكلام من وجهين الأول أن رسول الله ( ﷺ ) كان عالماً بأنه إذا أخبر عن أنه سيفعل الفعل الفلاني غداً فربما جاءته الوفاة قبل الغد وربما عاقه عائق آخر عن الإقدام على ذلك الفعل غداً وإذا كان كل هذه الأمور محتملاً فلو لم يقل إن شاء الله ربما خرج الكلام مخالفاً لما عليه الوجود وذلك يوجب التنفير عنه وعن كلامه عليه السلام أما إذا قال إن شاء الله كان محترزاً عن هذا المحذور وإذا كان كذلك كان من البعيد أن يعد بشيء ولم يقل فيه إن شاء الله الثاني أن هذه الآية مشتملة على فوائد كثيرة وأحكام جمة فيبعد قصرها على هذا السبب ويمكن أن يجاب عن الأول أنه لا نزاع أن الأولى أن يقول إن شاء الله إلا أنه ربما اتفق له أنه نسي هذا الكلام لسبب من الأسباب فكان ذلك من باب ترك الأولى والأفضل وأن يجاب عن الثاني أن اشتماله على الفوائد الكثيرة لا يمنع من أن يكون سبب نزوله واحداً منها


الصفحة التالية
Icon