أخرى وخامسها ذكرت من الأسماء خمسة في الفاتحة وهي الله والرب والرحمن والرحيم والملك فذكرت الإلهية وهي إشارة إلى القهارية والعظمة فعلم أن الأرواح لا تطيق ذلك القهر والعلو فذكر بعده أربعة أسماء تدل على اللطف الرب وهو يدل على التربية والمعتاد أن من ربى أحداً فإنه لا يهمل أمره ثم ذكر الرحمن الرحيم وذلك هو النهاية في اللطف والرأفة ثم ختم الأمر بالملك والملك العظيم لا ينتقم من الضعيف العاجز ولأن عائشة قالت لعلي عليه السلام ( ملكت فأشجع فأنت أولى بأن تعفو عن هؤلاء الضعفاء ) وسادسها عن محمد بن كعب القرظي قال موسى عليه السلام ( إلهي أي خلقك أكرم عليك قال الذي لا يزال لسانه رطباً من ذكري قال فأي خلقك أعلم قال الذي يلتمس إلى علمه علم غيره قال فأي خلقك أعدل قال الذي يقضي على نفسه كما يقضي على الناس قال فأي خلقك أعظم جرماً قال الذي يتهمني وهو الذي يسألني ثم لا يرضى بما قضيته له ) إلهنا إنا لا نتهمك فإنا نعلم أن كل ما أحسنت به فهو فضل وكل ما تفعله فهو عدل فلا تؤاخذنا بسوء أعمالنا وسابعها قال الحسن إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ سيعلم الجمع من أولى بالكرم أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون فيتخطون رقاب الناس ثم يقال أين الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ثم ينادي منادٍ أين الحامدون لله على كل حال ثم تكون التبعة والحساب على من بقي إلهنا فنحن حمدناك وأثنينا عليك بمقدار قدرتنا ومنتهى طاقتنا فاعف عنا بفضلك ورحمتك ومن أراد الاستقصاء في الأسماء والصفات فعليه بكتاب لوامع البينات في الأسماء والصفات وبالله التوفيق
وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى إِذْ رَأَى نَاراً فَقَالَ لاًّهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّى ءَانَسْتُ نَاراً لَّعَلِّى آتِيكُمْ مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِى َ يامُوسَى إِنِّى أَنَاْ رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى
اعلم أنه تعالى لما عظم حال القرآن وحال الرسول فيما كلفه اتبع ذلك بما يقوي قلب رسول الله ( ﷺ ) من ذكر أحوال الأنبياء عليهم السلام تقوية لقلبه في الإبلاغ كقوله وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاء الرُّسُلِ مَا نُثَبّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ( هود ١٢٠ ) وبدأ بموسى عليه السلام لأن المحنة والفتنة الحاصلة له كانت أعظم ليسلي قلب الرسول ( ﷺ ) بذلك ويصبره على تحمل المكاره فقال وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى وههنا مسائل
المسألة الأولى قوله وَهَلْ أَتَاكَ يحتمل أن يكون هذا أول ما أخبر به من أمر موسى عليه السلام فقال وَهَلْ أَتَاكَ أي لم يأتك إلى الآن وقد أتاك الآن فتنبه له وهذا قول الكلبي ويحتمل أن يكون قد أتاه ذلك في الزمان المتقدم فكأنه قال أليس قد أتاك وهذا قول مقاتل والضحاك عن ابن عباس
المسألة الثانية قوله وَهَلْ أَتَاكَ وإن كان على لفظ الاستفهام الذي لا يجوز على الله تعالى لكن المقصود منه تقرير الجواب في قلبه وهذه الصيغة أبلغ في ذلك كما يقول المرء لصاحبه هل بلغك خبر كذا فيتطلع السامع إلى معرفة ما يرمى إليه ولو كان المقصود هو الاستفهام لكان الجواب يصدر من قبل النبي عليه


الصفحة التالية
Icon