الماضية الثالث ما ذكره القفال وهو أن المعنى قل لهم هذا الكتاب الذي جئتكم به قد اشتمل على بيان أحوال من معي من المخالفين والموافقين وعلى بيان أحوال من قبلي من المخالفين والموافقين فاختاروا لأنفسكم كأن الغرض منه التهديد
المسألة الثانية قال صاحب ( الكشاف ) قرىء هَاذَا ذِكْرُ مَن مَّعِى َ وَذِكْرُ مَن قَبْلِى بالتنوين ومن مفعول منصوب بالذكر كقوله أَوْ إِطْعَامٌ فِى يَوْمٍ ذِى مَسْغَبَة ٍ يَتِيماً ( البلد ١٤ ١٥ ) وهو الأصل والإضافة من إضافة المصدر إلى المفعول كقوله غُلِبَتِ الرُّومُ فِى أَدْنَى الاْرْضِ وَهُم مّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ( الروم ٢ ٣ ) وقرىء من معي ومن قبلي بكسر ميم من على ترك الإضافة في هذه القراءة وإدخال الجار على مع غريب والعذر فيه أنه اسم هو ظرف نحو قبل وبعد فدخل من عليه كما يدخل على إخواته وقرىء ذكر معي وذكر قبلي
وأما قوله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُّعْرِضُونَ ففيه مسائل
المسألة الأولى أنه سبحانه لما ذكر دليل التوحيد وطالبهم بالدلالة على ما ادعوه وبين أنه لا دليل لهم ألبتة عليه لا من جهة العقل ولا من جهة السمع ذكر بعده أن وقوعهم في هذا المذهب الباطل ليس لأجل دليل ساقهم إليه بل ذلك لأن عندهم ما هو أصل الشر والفساد كله وهو عدم العلم ثم ترتب على عدم العلم الإعراض عن استماع الحق وطلبه
المسألة الثانية قال صاحب ( الكشاف ) قرىء الْحَقّ بالرفع على توسط التوكيد بين السبب والمسبب والمعنى أن إعراضهم بسبب الجهل هو الحق لا الباطل
أما قوله تعالى وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاَّ نُوحِى إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إله إِلاَّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ فاعلم أن يوحى ونوحى قراءتان مشهورتان وهذه الآية مقررة لما سبقها من آيات التوحيد
وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَن يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّى إِلَاهٌ مِّن دُونِهِ فَذالِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِى الظَّالِمِينَ
اعلم أنه سبحانه وتعالى لما بين بالدلائل الباهرة كونه منزهاً عن الشريك والضد والند أردف ذلك ببراءته عن اتخاذ الولد فقال وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً نزلت في خزاعة حيث قالوا الملائكة بنات الله وأضافوا إلى ذلك أنه تعالى صاهر الجن على ما حكى الله تعالى عنهم فقال وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّة ِ نَسَباً


الصفحة التالية
Icon