فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها لأنه لا يقر به أحد غيرها قال أصبتم فانطلق حتى أتى امرأته فتمثل لها في صورة رجل فقال أين بعلك يا أمة الله قالت هو هذا يحك قروحه وتتردد الدواب في جسده فلما سمعها طمع أن يكون ذلك كله جزعاً فوسوس إليها وذكرها ما كان لها من النعم والمال وذكرها جمال أيوب وشبابه قال الحسن رحمه الله فصرخت فلما صرخت علم أنها قد جزعت فأتاها بسخلة وقال ليذبح هذه لي أيوب ويبرأ قال فجاءت تصرخ إلى أيوب يا أيوب حتى متى يعذبك ربك ألا يرحمك أين المال أين الماشية أين الولد أين الصديق أين اللون الحسن أين جسمك الذي قد بلى وصار مثل الرماد وتردد فيه الدواب أذبح هذه السخلة واسترح فقال أيوب عليه السلام أتاك عدو الله ونفخ فيك فأجبتيها ويلك أترين ما تبكين عليه مما تذكرين مما كنا فيه من المال والولد والصحة من أعطانا ذلك قالت الله قال فكم متعنا به قالت ثمانين سنة قال فمنذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء قالت منذ سبع سنين وأشهر قال ويلك والله ما أنصفت ربك ألا صبرت في البلاء ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة جلدة أمرتيني أن أذبح لغير الله وحرام علي أن أذوق بعد هذا شيئاً من طعامك وشرابك الذي تأتيني به فطردها فذهبت فلما نظر أيوب في شأنه وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق وقد ذهبت امرأته خر ساجداً وقال رَبّ إِنّى مَسَّنِى َ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ فقال ارفع رأسك فقد استجبت لك ارْكُضْ بِرِجْلِكَ فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها فلم يبق في ظاهر بدنه دابة إلا سقطت منه ثم ضرب برجله مرة أخرى فنبعت عين أخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج وقام صحيحاً وعاد إليه شبابه وجماله حتى صار أحسن ما كان ثم كسى حلة فلما قام جعل يلتفت فلا يرى شيئاً مما كان له من الأهل والولد والمال إلا وقد ضعفه الله تعالى حتى صار أحسن مما كان حتى ذكر أن الماء الذي اغتسل منه تطاير على صدره جراداً من ذهب قال فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه يا أيوب ألم أغنك قال بلى ولكنها بركتك فمن يشبع منها قال فخرج حتى جلس على مكان مشرف ثم إن امرأته قالت هب أنه طردني أفأتركه حتى يموت جوعاً وتأكله السباع لأرجعن إليه فلما رجعت ما رأت تلك الكناسة ولا تلك الحال وإذا بالأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث كانت الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب عليه السلام وهابت صاحب الحلة أن تأتيه وتسأله عنه فأرسل إليها أيوب عليه السلام ودعاها وقال ما تريدين يا أمة الله فبكت وقالت أردت ذلك المبتلي الذي كان ملقى على الكناسة فقال لها أيوب عليه السلام ما كان منك فبكت وقالت بعلي فقال أتعرفينه إذا رأيتيه قالت وهل يخفى على أحد يراها فتبسم وقال أنا هو فعرفته بضحكه فاعتنقته ثم قال إنك أمرتيني أن أذبح سخلة لإبليس وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت الله تعالى فرد علي ما ترين الرواية الثالثة قال الضحاك ومقاتل بقي في البلاء سبع سنين وسبعة أشهر وسبعة أيام وسبع ساعات وقال وهب رحمه الله بقي في البلاء ثلاث سنين فلما غلب أيوب إبليس لعنه الله ذهب إبليس إلى امرأته على هيئة ليست كهيئة بني آدم في العظم والجمال على مركب ليس كمراكب الناس وقال لها أنت صاحبة أيوب قالت نعم قال فهل تعرفيني قالت لا قال أنا إله الأرض أنا صنعت بأيوب ما صنعت وذلك أنه عبد إله السماء وتركني فأغضبني ولو سجد لي سجدة واحدة رددت عليك وعليه جميع مالكما من مال وولد فإن ذلك عندي قال وهب وسمعت أنه قال لو أن صاحبك أكل طعاماً ولم يسم الله تعالى لعوفي مما هو فيه


الصفحة التالية
Icon